أخر الاخبار

رواية وقعت في حبه مجددآ الفصل الثاني عشر




 

رواية وقعت في حبه مجددآ

 الفصل الثاني عشر 

ثم كتبت.


"أنا في شقة سارة. سأقضي الليلة هنا."


أخذت تحدق بما كتبته لمدة، ثم أرسلت الرسالة أخيرا. إلتفتت إليها سارة، و التي كانت مستلقية على السرير الآخر.

- تراسلين أحدا؟

- إنه آدم. يسأل عن مكاني ليس إلا.


تبسّمت لها سارة.

- أنتما حقا ظريفان.

- ظريفان؟ لا أظن أن كلمة "ظريفان" تناسبنا!


ضحكت سارة، ثم سألت بعد تردد ملحوظ.

- أ حقا.. لم يعد بينك.. و بين آدم.. أية علاقة؟

- نحن صديقان.

- أقصد.. علاقة إعجاب و حب.


إبتلعت روز ريقها بهدوء.

- لم يعد بيننا شيء.

- إذا..


تنحنحت سارة، ثم أكملت كلامها في بعض من الحذر.

- هل أستطيع.. أن أدعوا آدم.. لتناول العشاء برفقتي قريبا؟ إن كان الأمر لا يزعجك. أنا فقط.. أشعر برغبة في التعرف عليه أكثر.. حاليا.


إنعقد حاجبا روز لثانية و كأنها إنزعجت من كلام صديقتها، لكن سرعان ما أعادت رسم إبتسامة على وجهها.

- يمكنك ذلك بالطبع. لماذا تظنين أنني سأنزعج من الأمر؟

- حقا؟

- صدقا.


سكتت الفتاتان لمدة قبل أن تستفهم روز.

- هل.. يعجبك؟ أقصد آدم.

- أظن ذلك. يبدوا لي.. شخصا جيدا. له جانب طيب و بسيط، كما أنه يحب المزاح. وسيم للغاية و يُجيد الطبخ كذلك.

- صحيح! و مزعج وغير منظم، لا يحسب حسابا لتصرفاته و لا لكلماته.


إنفجرت شفتا سارة عن ضحكة مكتومة وهي تستمع لحديث صديقتها التي إستمرت في حديثها.

- لكنه كما قلت، طيب للغاية. و ليس من النوع الذي يؤذي الآخرين عمدا. إمنحيه فرصة.. فربما.. تكونان مقدران لبعض.

- شكرا على كلامك هذا.


تبادلت الشابتان إبتسامة لطيفة.

- تصبحين على خير.

- تصبحين على خير.


***


إستيقظت سارة و أيقظت روز قبل مغادرتها الغرفة.

دخلت روز إلى الحمام، غسلت وجهها ثم فمها بالماء، صففت شعرها ثم خرجت و قصدت المطبخ، لتساعد سارة على إعداد طعام الإفطار. و لم يستغرق الأمر سوى بضع دقائق، حتى حضّرت الشابتان الإفطار و جلستا لتناول وجبتهما.


قدمت سارة كوبا من الشاي لضيفتها.

- ليس بفطور مميز لكنه يفي بالغرض.

- لا بأس. لست من اللذين يتناولون الكثير من الطعام على الفطور.

- و أنا مثلك. أحيانا لا أتناول سوى قطعة من الكعك أو بسكوتة.


إستمرت الفتاتان في الحديث إلى أن إنتهتا من تناول وجبتهما، ثم بعد ذلك نظفتا المائدة و غسلتا الأواني. غسلت سارة يديها ثم قالت و هي تمسحهما بمنديل.

- علي أن أغادر الآن. تأخرت عن عملي.

- حسنا. هيا إذهبي، سأكمل ما تبقى من الأطباق. لم يبقى سوى القليل منها.

- شكرا لك.


هرعت سارة إلى غرفتها، إرتدت معطفها و حملت حقيبتها، ثم أسرعت في الخروج، مودعة روز.


بقيت روز في المطبخ إلى أن إنتهت من غسل الصحنين المتبقيين، ثم غسلت يديها ليتزامن ذلك مع رنين هاتفها. تفقدت إسم المتصل، فوجدت أنها راشيل.

- مرحبا راشيل. كيف حالك؟

- بخير. و أنتِ؟ إتصلت أمس و لم أجدك في الشقة. قال آدم أنك عند صديقة. حاولت الإتصال بك لكن هاتفك كان مغلقا!

- الواقع.. صحيح.. لم.. لم أكن بالشقة أمس.

- ما الذي حدث؟ رفض آدم أن يخبرني. قال إنكما تشاجرتما وحسب، و أن الأمر ليس بمهم.


تنهدت روز ثم تربّعت على السرير و شرعت في سرد ما حدث.

- الحقيقة أننا.. تشاجرنا، لكننا تصالحنا بعدها. لكن.. آدم..

- لكن ماذا؟

- قال أنه لا يزال يحمل مشاعر تجاهي.. ثم.. ثم سألني عن مشاعري، فقلت أن الأمر إنتهى بالنسبة لي.

- و هل حقا إنتهى الأمر بالنسبة لك؟

- يجب أن ينتهي.

- يا لك من غبية!

- غبية؟ تمزحين؟


تأففت راشيل.

- أ لهذا تركت الشقة؟

- خرجت من الشقة عندما.. قبّلني. إستسلمت أمام مشاعري لوهلة، و بادلته. لكنني أسرعت.. و غادرت الشقة، خوفا.. من الاستسلام تماما.


و قبل أن تكمل روز جملتها، إلتفتت خلفها عندما شعرت بوجود أحدهم عند الباب.


كانت سارة. كانت متسعة العينين، مفترقة الشفتين، متفاجئة. إعتذرت روز من راشيل، ثم أنهت المكالمة. قامت من على السرير ثم إقتربت من صديقتها، بخطوات مترددة.

- سارة..

- عدت.. لأجل الهاتف..


تقدمت سارة نحو الدرج بجانب سريرها، إلتقطت هاتفها ثم خرجت. لحقت بها روز وهي تحاول العثور على كلمات مناسبة تشرح بها ما إعترفت به للتو لراشيل.

- سارة، دعيني أشرح لك الأمر.


توقفت سارة في متنصف طريقها نحو الباب، تنهدت ثم إستدارت إلى صديقتها و إبتسامة صغيرة شبه حزينة تعلو محياها.

- لما لم تخبريني بذلك؟

- ب.. بما.. حدث معي و آدم؟

- بأنه لايزال معجبا بك. بل ربما يحبك. قلتي.. أن ما كان بينكما قد إنتهى.

- لقد إنتهى بالفعل. إنفصلنا منذ خمس سنوات.

- لكنكما إلتقيتما مجددا. و آدم لا يزال يحمل مشاعر تجاهك.


أرخت عينيها إلى الأرض.

- لكنني.. لا أفكر في تجديد علاقة الحب التي كانت بيننا.

- لا تزالين تحملين مشاعر تجاهه، أ ليس كذلك؟


إستنشقت روز نفسا سريعا.

- صحيح، أعترف بذلك. لكن ما كان بيننا إنتهى منذ زمن.


سكتت سارة عن الكلام و بادلت روز نظرات هادئة لمدة طويلة.

- عودي إلى الشقة و تحدثي إليه. أخبريه بمشاعرك و لا تكذبي عليه. عليكما حل هذه المسألة. إما أن تفترقا و كلاكما راضٍ عن ذلك، أو تعودا إلى بعضكما البعض.


أومأت روز موافقة.

- صدقت. سأفعل.

- حسنا إذا، علي الذهاب الآن. تأخرت كثيرا.


ثم غادرت بعد أن إستأذنت من صديقتها التي تقدمت نحو إحدى الكنبات الموجودة وسط الشقة. جلست في صمت لمدة، شاردة تحدق بمكان واحد، تفكر في ما يجب عليها القيام به. تمتمت لنفسها.

- ماذا لو.. إفترقنا مجددا؟ سيكون ذلك.. مؤلما حقا.. مجددا.


****

المجد للقصص والحكايات 

دخلت روز شقة راشيل أخيرا بعد تردد و تراجع، خوفا من مواجهة آدم.


أغلقت الباب خلفها بهدوء، ثم أخذت تتفقد الشقة ركنا ركنا. لم يكن أحد في المطبخ المفتوح على غرفة الجلوس، و التي كانت فارغة كذلك. تقدمت نحو غرفة راشيل لتجد أنها فارغة أيضا. أطبقت جفنيها، ثم أخرجت نفسا كاد يخنقها، لتريح صدرها أخيرا.


وضعت حقيبتها على الأريكة ثم دخلت الغرفة، لتخرج منها و بين يديها قميص أبيض مزين بخطوط أفقية سوداء بأكمام قصيرة، و سروال أسود اللون. وضعت الملابس على الأريكة، ثم خعت كنزتها ليتزامن ذلك مع سماعها صوت باب الحمام يُفتح. إستدارت و رفعت كنزتها إلى صدرها، و إتسعت عيناها من المفاجأة عندما ظهر آدم أمامها مدهوشا.


غضّ بصره معتذرا.

- أنا آسف..


أعادت الكنزة على جسدها.

- لا بأس. لا بأس. الخطأ خطئي. ظننتك.. ظننتك غادرت.


أومأ وهو مطرق الرأس يحدق بالأرض. أسرع إلى المطبخ حيث ترك حقيبته، حملها ثم هرع إلى المخرج. أمسك المقبض لكن دون أن يديره، ثم قال.

- أعتذر.. عن ما حدث أمس.


وقفت متصنمة للحظة، ثم أخير فتحت شفتيها و ردت على إعتذاره.

- لدي.. شيء.. أريد أن أخبرك به.. عندما تعود مساءً.


أومأ.

- حسنا.. أراك لاحقا إذا.

- أراك لاحقا.


خرج آدم من الشقة، فسمحت روز أخيرا لجسدها بالجلوس، و يدها على صدرها.

- قلبي! سأجن! لا أصدق أنني قلت ذلك.


أغلقت جفنيها بقوة، ثم تأففت وهي توبخ نفسها.

- كان ذلك محرجا للغاية! محرجا للغاية! أ لا يمكن ليوم واحدٍ أن يمر في حياتي دون أن يحدث شيء محرج؟ لماذا؟


***


دخل إيان إلى صالة التدريب حيث وجد روز جالسة، النص بين يديها، لكن عيناها شاردتان. تقدم نحوها مبتسما.

- أتيت باكرا اليوم!


تحرّكت بؤبؤتاها بسرعة و توقفتا عند إيان أمامها. رفعت يدها إلى صدرها و أغلقت عينيها.

- كدت تقتلني.


إقترب منها و جلس بجانبها، وهو يكرر إعتذاره كالمذنب.

- أخفتك؟ أنا آسف حقا. لم أقصد إخافتك.


ضحكت ضحكة صغيرة.

- لا عليك. لقد كنت شاردة قليلا. لذلك تفاجأت.

- أ هناك ما يشغل بالك؟

- ليس بالشيء المهم.


تردد قليلا ثم سأل.

- أ لديك.. وقت مساء اليوم؟

- مساءً؟


تذكرت أنها أخبرت آدم بأن لديها شيئا ترغب في قوله. فأجابت.

- مساءً لدي شيء علي القيام به.

- و.. ماذا عن بعد غد؟

- ربما يكون لدي وقت. لماذا؟

المجد للقصص والحكايات رواية وقعت في حبه مجددآ 

إبتسم و كأنه يحاول بذلك إخفاء إرتباكه.

- أ ترغبين.. في الخروج معي؟ في موعد؟


ساد الصمت و هما يتبادلان النظرات، إلى أن كسرت روز إتصال عيونهما و أشاحت بوجهها معتذرة.

- لا أظنني.. أستطيع.


تنهدت في أسف.

- أنا الآن.. في وضع محير نوعا ما. أظنني.. لاأزال معجبةً بحبيبي السابق. عندما إعترف لي بأنه لا يزال يحبني، كذبت وقلت أنني لم أعد أحمل تجاهه أية مشاعر، خوفا من أن يحدث نفس الشيء مجددا. نفترق، نجرح بعضنا البعض و نتألم لأعوام أخرى.

- كان.. كان يجب عليك.. إخباره بالحقيقة.

- أعلم ذلك. كان ذلك غباء مني.


أراحت جبينها على كفيها.

- أنا آسفة.


ربت على كتفها بلطف، ثم قال و شفتاه ترسمان إبتسامة لطيفة.

- لا داعي للاعتذار أبدا.

- أنت حقا شاب جيد، و طيب للغاية.

- لا داعي لكل هذه المجاملات! فأنتِ لم تجرحيني برفضك.

- أنا لا أجاملك. أنت حقا نقي الروح. و وسيم أيضا. جدا. و ما أن تمثل في أول فيلم لك حتى تحصل على معجبات كثيرات، و سيجعلنك تندم على هذه الوسامة كلها.


عضّ على شفته ضاحكا، فبادلته بإبتسامة لطيفة.

- و أرجوا.. أن لا أكون قد جرحتك، فأنت حقا لا تستحق ذلك.


أومأ لها.

- لا عليك. إنها الأقدار. ربما لو إلتقينا قبل هذا كله..


تأملت ملامحه لمدة.

- صدقني، لو كنا قد إلتقينا قبل هذا كله، سأكون أنا من تدعوك للخروج في موعد.


أشاح ببصره ضاحكا فأرخت عينيها على الأرض و الابتسامة لا تفارق ثغرها.

- تحدثي إليه، و أخبريه بمشاعرك. لا تكذبي عليه هذه المرة.


أومأت موافقة، فبادلها بإيماءة مثلها.

عندها دخل المتدربون إلى القاعة، فقام كل من روز و إيان ثم إلتحقا بالمتدربين الآخرين، إستعدادا لتدريب اليوم.


***


دخلت إلى الشقة لتجده كعادته في المطبخ. لكن هذه المرة لم يكن يطهو، بل كان جالسا و أمامه فنجان من الشاي. رفع عينيه عن الفنجان عندما سمع صوت الباب يفتح، فتعانقت نظراتهما. إبتسم لها، فبادلته بمثلها. وضعت حقيبتها و سترتها على الأريكة، ثم دخلت المطبخ بخطوات متمهلة.


جلست على الكرسي أمامه في صمت، إلى أن سألها.

- أ ترغبين.. في كوب من الشاي؟


رفعت بصرها إليه بعد تردد، ثم أومأت.

- شكرا لك.


قام من مقعده و أحضر فنجانا لأجلها، سكب بعضا من الشاي لأجلها، ثم وضعه أمامها.

- تفضلي.

- شكرا لك.


عاد للجلوس، عيناه تراقبان روز و هي تحتسي الشاي، و أصابعه تتحسس فنجانه في إرتباك. فتح شفتيه رغبة في أن يبدأ الحديث، لكنه تراجع عندما ألقت عليه نظرة سريعة.

نظفت حلقها.

- أريد أن.. أخبرك.. بشيء.

- تفضلي.

الفصل الثالث عشر والاخير 

تعليقات