أخر الاخبار

رواية لبؤتي الشرسة الفصل السابع



 المجد للقصص والحكايات

 رواية لبؤتي الشرسة 

الفصل السابع


نيران ملتهبة تشع من عيناه، غير التي تتاجج
بداخله، فلم يستطع أخذ أنفاسه وهو يستمع
إلي اعترافها الذي كان يريد دفع عمره كاملا
حتي يحصل علي تلك الكلمة البعيدة عنه
أشد البعد.

حبيبات من الغرق تتصبب من علي جبينه، وهو
يخاطب صغيرته بنبرة ولهانة قائلا..
وأنا بموت في حبك... غرقان في بحر عشقك
لو بتحبيني أضعاف... أنا دايب في جنون
عشقك الأبدي.

تبادلوا النظرات لبعضا من الوقت، تحكي هذه
العيون ما يعيشه هذا العشقان، وما يحكيه
قلباهم هذا العشق والجنون المتأكل إلي
كليهما في الحال.

لم يستطع مازن السيطرة علي نفسه، والتماسك
برباطة جأشه فقد قام بالتهام شفتيه بخاصتها
معبرا عما يدور بداخله، من عواصف ونيران
عاشقة تكاد أن تحرق الأخضر واليابس من
شدتها.

بادلته جنونه بجنون وعشقا أكثر منه، تاركين
لنفسهم العنان بأن يغوصا معا، في بحر العشق
وظلماته الأبدية.

لا يعملون كم مرا من الوقت والساعات، وهم
لا يشعرون بأنفسهم، غير أنهم بداخل الغرفة
يلتهمون جسدا بعضهم تاركين لنفسهم العنان
بأن يعيشا معا، ليلة تحكي ما يشعرون به
من الحب والجنون الذي أظهراه مع بعضهم
في تلك الجامحة والمثيرة حد اللعنة لكليهما.

يخاطب صغيرته التي ملكت أنفاسه، وهو يطالعها
بشغف وحب جنوني بادر من قلبه، تعبيرا عن
حبه إليها قائلا..
بحبك يا فرحة... بعشقك بجنون... عشان كده
عاوز منك حاجة وحيدة... تتجوزيني يا فرحة.

أخذت فرحة نفسا قويا، وهي إلي الآن لا تصدق
كيف قامت بتسليم نفسها، بهذه السهولة إليه
فلم تكن واعية غير وهم غارقين معا، في
بحر اللذة والجنون.

أجابته فرحة بعد صمتا طويل، ظنا منه أنه قد
تسرع في طلبه منها، ولكنها قد كسرت كل
توقعاته بعد إجابتها الصادمة تلك والتي لم
يكن يتوقعها البتة..
أنا موافقة يا مازن.... ومستنية اليوم ده... النهاردة
قبل بكره.

كانت إجابته هذه المرة، هو أنه قد أعاد الكرة
مرة أخري، ولكن بمزيد من الجنون والشغف
الذي يكمن بداخله من قبله

في المشفي.

يهرول بوالدته التي يحمل مشقه في حملها مع
صغر سنه، ولكن لم يستطع تحمل رؤيتها
في هذه الحالة، فهرع إليها مسرعا وهو يتوجه
بها إلي خارج الفيلا بعد أن قام أحد الحراس
بمساعدته في حمل والدته الغائبة عن الوعي
تماما.

أسرع إليها مدير المشفي بذات نفسه، لاحقا وراء
طاقم كاملا من الأطباء والممرضين الذين
عندما سمعوا بوجودها، في المشفي أسرعوا
إليها مهرولين لكي يقوموا بإنقاذها قبل فوات
الأوان.

بداخل غرفة العمليات.

تعفو علي الفراش لا حول لها ولا قوة، رافضة
تلك الحياة التي لم تسبب لها، غير الجروح
والمتاعب التي لا يتحملها إطاقة أي بشر
علي هذه الكرة الأرضية، ولا في أصعب
حالاته القاسية.

دقات قلبها تتسارع كالرياح الغير منتظمة، فهذا
هو حالها الآن رافضة بكل سهولة العيش من
جديد، دون أن تعطي أدني إهتمام لصغيرها
القابع بالخارج، في أشد حالات خوفه وقلقه
عليها، وكأنه غير موجود البتة.

يقف علي رأسها مدير المشفي، فهو قد دلف إلي
غرفة العمليات لكي يقوم بإنقاذها فهي قد
أتت إليها متأخرة للغاية، وكان سبب حالتها
هو جلطة قوية علي القلب ولم تكن في محلها
إطلاقا فهي مريضة بالقلب منذ صغرها.

يتصبب الطبيب عرقا، وهو يصرخ في الموجودون
هلعا من فقدان المريضة قائلا..
بسررررررعة شغلوا الجهاز... هنفقد المريضة
يلاااااا مفيش وقت.... شغلوه علي أعلي درجة
بسررررعة.

يتلوها بمزيد ومزيد من الصدمات الكهربائية
علي قلبها، الذي أصبح نبضه ضعيفا جدا
للغاية، وهم الآن علي وشك فقدان المريضة
التي هي من قبلها رافضة للحياة تماما.

تسمع فقط صرخات وأصوات كثيرة من حولها
ولكنها رأت هذا الحلم المزعج، وكأنه يتحقق
أمامها من جديد.

سقطت علي أقدامها تبكي بصراخ هستيري
نابع من داخل روحها المجروحة، من حبيبها
الذي أذاقها أشد وأقسي أنواع العذاب، مستقبلا
حبها بمزيد من السخرية والاستهزاء مما جعلها
تقهر نفسيا وجسديا.

تبكي ماسة بقهر هاتف بنبرة حزينة للغاية..
اااااااااه ياااااااااا ناااااااااار قلبي... دمرتني
حطمتني خسرتني نفسي لييييييه كل ده
عشان اااااايه يا حقير... عشان حبيتك
من جوه قلبي.... قابلتها بأيه ببرود تام
وتملك مهووووس بيك.

يقف ورائها بصمت مريب، أحس بتمزق روحه
داخليا، من شدة قسوة كلامها الذي جعلته
يحس بقيمة نفسه الحيوانية، التي لم يعرف
معناها، إلا عندما سمع كل كلمة قد تفوهت
بها.

تقدم إليها جبار، وهو يقدم رجلا ويؤخر أخري
ولم يعلم كيف سيكون رد فعلها، عند رؤيته
بعدما فعله معها، منذ عدة أيام ماضية.

وقف ورائها وهو ينطق بحسرة واضحة..
كلمة آسف مش هتشفي ليكي جرح... ولا هترجع
إليك طفولتك المسروقة... بسببي بس إلي
أنا هقوله إليك في اللحظة دي... هو إنك عمرك
ما هتشوفيني تاني... سامحيني يا أجمل
حب عشقته بجد في حياتي كلها.

عند هذه الكلمة ألتفت لكي تراه، ولكنه قد اختفي
بسرعة البرق مما جعلها تحس بنغزة قوية في
قلبها، قد جعلتها تشعر بعدما رؤيته مرة ثانية
في حياتها القادمة.

هذا هو آخر شئ، قد أحست به تلك الماسة التي
ناظراتها بعيناها لآخر مرة، قبل أن تغمضهم إلي
الأبد.

بعد ساعات طويلة.

خرج الطبيب بكل أسف، وعلامات من الحزن
تكسو وجهه قبل أن ينطق بآخر كلمة قد
أصابت ولدها بسهما قاتلا في أعماق روحه.

هتف الطبيب بكل آسف قائلا..
أنا آسف يا كريم بيه... ماسة هانم تعيش
أنت.

في الجهة الآخري.

أحس بالانتصار عندما قام بإرسال تلك الرسالة
إلي ماسته، كأنه قد أنتصر في حربا كارثية
للتو مما جعله يبتسم برضي بمنتهي البرود
كعادته.

أتاه إتصالا من أحد حراسه الذين قام بتعينهم
بمراقبة حبيبته وولدهم، قد أخبره بما جعله
يتحول إلي وحشا كاسرا ، يكاد أن يفتك
بمن حوله من شدة وحشيته التي باتت
ظاهرة علي ملامحه للتو.

صرخ جبار بعلو صوته، يخرج ما في قبله
من قهرا وحزنا ناطقا بكلمة واحدة..
ماااااااااااااااااسة.

ولم يعد يعي بأي شيئا، حوله تاركا لنفسه العنان
الغرق في بحر الظلمات الذي يحيطه من كل
جانب، لاحقا ماسته التي تلقي خبر مماتها
منذ قليل.

نوفيلا.. لبؤتي الشرسة.
بقلمي.. دينا.

قام من نومه منزعجا للغاية... بعد أن كان يغط
في نوما عميق... ولكن هيهات فقد هبت علي
جميع أوصاله عاصفة قوية... قد دمرته إلي
قطع متناثرة صعب لم شملها من جديد.

دقيقة بعد أخري... وهو في صدمة عنيفة
بعد أن تلقي أحد المكالمات من أحد حراس
صديقه جبار... وهو يخبره بما كان أبعد
إلي خياله وفي فكره البعيد.

هل توفي جبار!!! تلك هي الطامة الكبري التي
قسمت ظهره إلي نصفين... ولم يعد يستوعب
هذه الكلمة حتي إذا كانت حقيقة مصدقة
فهو يعلم أن جبار... لن يهز ولم يهزم حتي
من أشد الناس قوة وجبروت... فمن يستطيع
التوقف في وجه الجبار.

كانت بجانبه فرحة عمره... التي عاش معها
أجمل ليلة في حياته... قد أرجعته إلي الوراء
ولم يكن يتمني أكثر من هذا العشق وهذه
المتعة الخلابة للغاية.

أحست فرحة بنغزة قوية... في قلبها ولم تعلم
ما هو مصدرها... فلم يكن سبيلها غيرها
وهي ماسة.

طالعته بنظرات متحيرة... وهي تري القلق
يتوج ملامحه كليا... فلم يعد في ذلك شيئا
غير أن نطقاها معا... في نفسا واحدا..
جباااار ماااااات..... ومااااسة مالهااااا.

علامات من الدهشة... والخوف قد شل حواسهم
معا... قبل أن يهتف مازن بقلق واضح..
فرحة... جبار ماااات يا فرحة... أنا مش مصدق
الكلام ده كله كدب... صح يا فرحة... مش ممكن
يسيبني بالسهولة دي.

مجرد رؤيته بتلك الحالة الحزينة... والمزرية
قامت من مكانها... مقتربة منه قليلا... وهي
تأخذه في أحضانها... تحسه بالأمان والراحة
معا.

تهتف فرحة بحب عكس هذا الخوف الذي يتأكلها
داخليا..
أهدي يا حبيبي... أكيد دي إشاعة حب حد
يلعب بأعصابك مش أكتر... ومش تنسي
إن ليك أعداء كتير... ممكن يكون حد منهم
عمل فيك المقلب ده... ويقوم يستغل ضعفك
ده... مش تديه فرصة وخليك قوي زي عادتك
يا قلبي.

مجرد بضع كلمات قد أرتوي قلبه من حديثها
العاشق هذا... والمحبب إلي روحه... الذي
ما زال يريد الارتواء منه... المزيد والمزيد
لآخر يوما في حياته.

أجابها مازن ببعض العشق قائلا..
عندك حق فعلا يا فرحتي... إزاي مش ايجت
علي بالي الفكرة دي... بس مين إلي ليه مصلحة
في كده... لا وكمان مزور الإسم كأنه واحد من
حراس جبار... خلاني فعلا أصدقه من غير
ما أتأكد صحة الخبر.

أحست فرحة بهدوء ملامحه... فهبت واقفة
من مكانها... متجهة إلي المرحاض لكي تأخذ
حمامها... وهي ما زال القلق يحتويها كليا.

ولكن مالا يعلمانه هذان الإثنين... أن أحب أشخاص
علي قلبهم... يصارعون الحياة الآن... ولم
يكن هناك أحدا آخر... قد أخبره بهذا الأمر
سوي حارس جبار الشخصي.

الأخير 

تعليقات