أخر الاخبار

رواية تزوجت ساديا الفصل الرابع

 


رواية تزوجت ساديا الفصل الرابع 

عندما مر إسبوع دون أن يحدث شيئ حمدت الله علي رعايته لي وقررت أن أنسي ما حدث بالحفل وأعود لخطتي الأولي
لكن هشام عاد بأحد الأيام يأمرني بأن أعد حقيبة صغيرة لأننا سنقضي نهاية الإسبوع بمزرعة رئيسه .
رفعت رأسي مندهشة وأنا أتابعه يدور حول نفسه فصرخ بي
" لا وقت لدي لردات فعلك البطيئة "
أمسك معصمي وسحبني لحجرة النوم ثم فتح خزانتي وبدأ يختار منها ثياب ويرميها علي الفراش .
" ضعي هذه الملابس بالحقيبة "
ثم أتبعها بأدوات للزينة وملابس مثيرة للنوم . فنظرت إليه مذعورة ثم صرخت به
" أنا لن أفعل ذلك "
توقف عما كان يفعله ساخرا
" لن تفعلي ماذا ؟"
"لن أقترب من رئيسك اللعين ولن أقوم بما يخالف ال......"
جذبني من شعري
" ستفعلين ما أمرك به "
قلت متحدية له فلم يعد لدي شيئا أخسره
" لن أفعل حتي إن كنت ستقتلني "
إنقض عليً غاضبا
" سألجأ لذلك إن فشلت طرقي الأخري علي إجبارك "
ثم بدأ ينهال عليَ ضربا .
لم يقترب من وجهي هذه المرة كي لا يفسد جماله كما كان يقول بل كان يؤذي جسدي فيترك به العديد من الجروح والكدمات والعلامات الزرقاء .
رددت عليه صفعاته وسبابه فإنتشي ،كانت المرة الأولي التي أفعل بها ذلك لذا نظر لي مستغربا قليلا وعاجز عن فعل أي شئ غير الإصغاء والتأوه ثم عاد مجددا لضربي .
عندما بدأت روحي بالإنسحاب من جسدي ببطء بدأت بالتوسل له كي يتركني .
" قولي إنك ستفعلين "
إلتقطت روحي قبل أن تخرج بثوان تبعتها شهقات محملة بالهواء أعادت قلبي للعمل
" قولي "
ذرفت دموع الذل
" سأفعل "
إبتسم
" إنهضي "
حاولت ألا أترنح كي لا أثير غضبه مجددا
" قبليني وإخبريني أنك مازلت عبدة لي "
سامحني يالله
إبتلعت غصة الذل
وطبعت قبلة علي شفتيه
" أنا ... مازلت ... عبدة لك .. هش..ام "
من بين دموعي رأيت إبتسامة ظفر ترتسم علي وجهه وهو يرمي لي فستانا
" إخلعي ملابسك وإرتدي هذا ياكلبتي "
أمسكت الفستان وسلكت طريقي للحمام فأوقفني صوته الآمر
"إفعلي ذلك أمامي هنا "
عندما رأي علامات عنفه علي جسدي إتسعت إبتسامته
" إتبعيني بعد دقيقتين للسيارة ، إن تأخرت سأصعد لأصطحبك بنفسي ولن يكون ذلك أمرا جيدا، "
خرج وصفق الباب خلفه فتحاملت علي نفسي وجمعت الأغراض بالحقيبه وحاولت إخفاء أثر البكاء بمكياج ثم تركت الشقة وأنا أتعثر بخطاي .
عندما نزلت وجدته بجوار السيارة ينظر لساعته فجلست صامتة ولم أنطق بكلمة إلي أن وصلنا للمزرعة .
كنت أتأمل الطريق عاجزة عن فتح عيني بضوء الشمس لأنني لم أخرج يوما بالنهار منذ زواجي به .
توقفنا أمام باب فيلا حيث سارع رجلا بحمل الحقائب ، بعدها قابلنا أحمد الشرقاوي فسلم علي هشام وأومأ لي وهو يراقب حركاتي البطيئة المتألمة بشك .
ثم قادنا للبهو حيث جلسنا وهرع إلينا خادم بعصير بارد فقبلته ممتنة فلقد كاد الظمأ يقتلني ولم يفكر ذلك الجاحد بالتوقف بالطريق ليروي عطشي .
قادنا نفس الخادم لحجرتنا كي نستريح قبل العشاء .
أغلق هشام الباب فإبتعدت وبدأت بترتيب الثياب بالخزانة ثم وضعت الحقيبة أسفلها .
أشار إليَ لأقترب منه ففعلت مترددة .
"سأحاول تجنب البقاء معكما لوقت طويل وعليك أن تستخدمي دلالك وتحدثيه كي يجعل صفحتي بيضاء ويمنحني مركزا مرموقا ، لاتبخلي بتقديم مايرغبه بسبيل ذلك فإن لم أحصل علي ما أريد فسأجعلك تتمنين الموت قبل أن أنهي حياتك "
"هل أنهيت أوامرك؟"
" أري أن علامات التمرد قد بدأت تظهر عليك يا مريم وهذا ليس أمرا جيدا، وما فعلتيه اليوم لن يمر دون عقاب "
إبتعدت عنه ودخلت الحمام وأغلقته جيدا ثم إسترخيت بمياه دافئة كي تزيل توتر جسدي وتخفف آلامه وأنا ألعنه.

ضوء بآخر النفق

نزلت للعشاء وأنا أرتدي فستانا ورديا تغطي أكمامه يدي فإستقبلني رئيسه وقبل يدي ثم سحب لي مقعدا بجواره وبدأنا تناول الطعام وهو يحكي لنا عن مزرعته ونشاطاتها .
بعد العشاء غادر هشام مدعيا أن القيادة قد أرهقته وأنه يحتاج للنوم وطلب مني ألا أتقيد به .
تنفست الصعداء وشعرت أن ثقلا قد إنزاح عن صدري ثم تذكرت المأزق الآخر الذي وقعت به .
" ما رأيك أن ننتقل للمكتبة ؟"
أخرجني إقتراحه من بئر توتري فنهضت وسرت خلفه .
عندما دخلت ونظرت لرفوف الكتب كان هو قد أوصد الباب بنفس الوقت الذي سحبت به كتابا .
نظر لي مندهشا وهو يراقب البسمة علي وجهي
" لم أكن أعلم أن رؤية الكتب ستسعدك لهذا الحد "
لثوان نسيت من هو وموقفي وقلت
" كنت أتوق لقراءة هذا الكتاب لكن الفرصة لم تتثن لي . "
نظر للكتاب ثم إلتفت إليَ
" أنت تدهشيني ، كيف تهتم إمرأة بجمالك بقراءة هذا النوع من الكتب ؟"
أغضبني حديثه
" ما علاقة الجمال بقراءة كتب الإقتصاد ؟ "
أعدت فحص الكتاب ثم تابعت
" لم أجد ملاحظة تفيد بأنه يحذر علي الجميلات قرائته "
رفع يديه مستسلما
" كف عن السخرية فقد وصلتني رسالتك ، لكن هذا الكتاب يعد ..."
" الكتاب الأخير ضمن سلسلة كتب من هذا النوع تتحدث عن أسباب الأزمات الإقتصادية العالمية وعواقبها ، أعلم أنه عميق بعض الشيئ لكنني لن أجد صعوبة بفهمه "
" أنحني لك إحتراما يامريم "
أرفق القول بالفعل ثم سحب مني الكتاب
" سأكون سعيدا بإعارتك إياه ، لكنني أرغب الآن بوضع الأمور بنصابها . "
قادني لإحدي المقاعد وجلس بجواري قائلا
" كلي آذان مصغية "
ضغطت علي شفاهي بأسناني
" أنا لا أرغب بالحديث معك عن شيئ "
عقد ذراعيه أمام صدره
" آسف لإخبارك أنك مجبرة علي ذلك والسبب أن زوجك قد تركك معي الآن وهو يتوقع أن نقضي وقتنا بشيئ أكثر تسلية من الحديث "
علت الحمرة وجهي وشعرت أن حرارتي إرتفعت ذلا
فإقترب مني
" إخبريني يامريم كيف يجبرك علي ذلك ؟
ما الذي جعل أميرة مثلك ترتبط بوغد كهشام سعيد ؟ "
نهضت مبتعدة فأمسك ذراعي فتأوهت متألمة مما جعله يقطب جبينه معتذرا لكنه لاحظ إستمرار ألمي فنهض
" لا أعتقد أن لمستي قد سببت ضررا كبيرا "
ثم تابع وهو يكشف عن ذراعي قائلا
" إلا إذا كان هناك ضررا سابقا "
عندما لاحظ العلامات الزرقاء تلفظ بسباب وهو يتمتم
" هكذا يجبرك؟"
أعدت قماش فستاني الناعم علي ذراعي
" كيف سمح أهلك بحدوث ذلك ؟"
هربت دموعي
" لم يعد لي سوي أخي حسن وهو يحاضر بجامعة هايدلبرغ الألمانية . لم أره منذ زواجي .
ضغط علي أسنانه قائلا
" منذ متي يامريم؟"
" منذ عامين وثلاثة أشهر وخمسة أيام "
ضغط قبضته المغلقة حتي برزت عروقه
" لماذا لم تطلبي الطلاق ؟ "
" سيقتلني إن فعلت ، أنا حبيسة شقتي منذ زواجي ، أستطيع إحصاء عدد المرات التي خرجت بها "
إبتعد وأدار وجهه وهو يسأل
" كم؟"
" ثلاث "
إستدار ونظر لي سريعا
" هل الحفل وهذه الزيارة منهما ؟"
أومأت موافقة
" والثالثة يا مريم ؟"
أغمضت عيني متألمة
" للمشفي "
" لماذا؟"
صرخت غاضبة
" لأنني كنت أنزف ، ثار غاضبا عندما إكتشف حملي فإنهال عليَ ضربا إلي أن فقدت الوعي وعندما إستيقظت وجدت نفسي بالمشفي وهو يجلس بجواري ويمسك يدي ويخبرني كيف فقدت طفلنا عندما سقطت عن السلم "
أدار وجهه وتلفظ بسباب إعتدت سماعه من هشام
" ذلك المجرم المختل ، إنه مريض نفسي "
أومأت موافقة
" سادي "
هززت كتفاي
" تزوجت ساديا "
مرر يده علي وجهه قائلا
" ماذا يعني هذا ؟"
" إستخدام الوحشية والعنف بهدف السيطرة ، الإستمتاع بمعاناة الآخرين النفسية والجسدية ، الكذب من أجل إيذاء الآخرين ، إجبار الآخرين علي القيام بما يريد عن طريق تخويفهم ، الهوس بالعنف والإصابات والتعذيب "
أمسك يدي
" هذا يكفي . خففي عنك ."
" لا أحد يستطيع التخفيف عني إلا الله ، لكنه لم يرد هذا بعد "
" كيف إكتشفت هذا ؟"
نظرت له ساخرة
" بالطريقة الصعبة "
هز رأسه
" كيف إكتشفت أن ما يعاني منه هو السادية "
" لقد قرأت عن الأمر بعد ما فعله معي ، إكتشفت أنه يفعل كل عرض لعين تحدثت الكتب عنه.
عدم القدرة علي إئتمان الغير، الحرص الزائد علي النظافة ، الترتيب المفرط للأشياء ، حب الهيمنة وجذب الإنتباه والمبالغة في التعبير عن العواطف ، جنون العظمة والإستهزاء بالآخرين ، المبالغة في الإنفتاح بالتفكير بدليل أنه سلمني لك الآن . الإعتقاد بوجود الأشباح والتقمص . إنه يعتقد أن روح أمه تسكنني ، إنه ينتقم منها في . "
خلع نظارته ومسح عينيه وهو يتمتم
" يالله "
قادني للمقعد مجددا
" سأخبرك الآن بما عليك فعله ، لن أغامر وأخبرك بالخطة كاملة فقد يجبرك علي البوح بها ، لذا عليك أن تنفذي أوامري أول بأول "
توقفت عن البكاء وسألته بحيرة
" لماذا تساعدني ؟
" أنا أساعد نفسي يامريم "
نظر بعيني وشدد قبضته علي يدي

مايبكيك يبكيني
من يغضبك أقتله
بعنف يداي
لترضي أنت سيدتي
فتأتي إليَ ترضيني"

نظرت إليه غير مصدقة فهز كتفيه وإبتسم
" أنت ملهمتي ، منذ رؤيتك وأنا أشعر بأن هناك أحدا يدس الكلام بفمي دسا "
إبتسمت
فمنحني منديلا لأمسح وجهي
" عندما تصعدين ستجدينه بإنتظارك ليعرف ما توصلت إليه ، إخبريه أنك مهدتي لي الأمر لكنني بحاجة لمزيد من الإقناع "
تضرج وجهي فإبتسم
" أعتقد أنك فهمت ما أعنيه "
منحني الكتاب الذي رغبت بقرائته
" إقرئي لبعض الوقت "
نظر لساعته
" لساعة تقريبا ثم إصعدي "
أمسكت الكتاب وأنا حائرة بتفسير تصرفات هذا الرجل لكنني بعد عدة لحظات نسيته كليا و إندمجت مع النظرية غير المألوفة التي يطرحها الكتاب .
لم أعرف أنه كان يتأملني طوال هذا الوقت إلا عندما أتي ولمس كتفي فإنتفضت مرتعبة .
"هل نسيت وجودي معك بنفس الغرفة؟
لقد جلست طوال الساعة الماضية أتأملك ."
قمت بطي الصفحة ثم تذكرت أن الكتاب ليس لي
" آسفة "
أخرج من جارور مكتبه مؤشر للقراءة
ووضعه بالصفحة ثم فرد طيتها
" هذه قسوة من الممكن نسيانها لأجل عيونك فقط ."
ضغطت علي شفاهي مجددا حتي كدت أدميها
" آسفة يا سيد أحمد "
" مريم ، لا يمكنك مناداتي بسيد أحمد خاصة بعد ماكان مفترض أن يحدث بيننا خلال هذا الوقت ."
أومأت
" دعيني أصطحبك لحجرتك "
سرت معه إلي أن توقفنا أمام الباب فطبع قبلة علي يدي وتمني لي ليلة سعيدة .
دخلت الغرفة لأجده منتظرا
" إخبريني ما حدث "
أخبرته
فإبتعد عني
" عليك بذل مجهود أكبر غدا فليس لدي الكثير من الوقت ، لكنني أعتقد أنه سيزعن بالنهاية فهو لم يرفع عينيه عنك طوال العشاء وبالطبع لن يترك فرصة بقائكما وحدكما تضيع هباءا "
كتمت نظرات إحتقاري وسحبت ملابس نظيفة ودخلت الحمام وعندما خرجت تركني سالمة كي أنفذ له أهدافه حمدا لله علي ذلك .

***

بالصباح لم أجد هشام بالغرفة وكان هذا أمرا جيدا فلم أستطع النوم طوال الليل لأن جسده يحتل مكانا بجواري ، يسحب أكسوجينا من الغرفة .
يعيق تنفسي .
عندما نزلت درجات السلم وجدت أحمد بالبهو بإنتظاري . لم أعرف حقا لماذا عليَ أن أثق به ؟
كيف أثق برجل مجددا وسبب عذابي كان رجلا ؟
لكني الآن أقف بمفترق الطرقات لا أعلم أي طريق أسلك ولا بأيهم سيكون خلاصي .
أشعر أن كل الطرق تقود للهلاك .
إبتسم لي أحمد
" عندما فاتك الإفطار شعرت أنك ستنامين لوقت أطول "
نظر لعيني قائلا
" لم ير النوم عينيك "
قلت ساخرة
" هذه طريقة جيدة لإخباري أن مظهري بائس بالصباح ، وأنا لم أنم بالفعل ولا أتناول الإفطار "
" إذن دعيني أريك مزرعتي العزيزة "
سرنا كثيرا ثم إنتهي بنا المطاف أمام سياج الخيول وضعت يدي عليه ونظرت للأفق فسألني
" أتكرهينه كثيرا ؟"
نظرت إليه لثوان قبل أن أدرك أنه يتحدث عن هشام
" أوشكت علي قتله يوم قتل طفلي ."
أعلنت فجأة
"أشعر بالشفقة تجاهه"
ثم سألته حائرة
"لماذا أشعر بالشفقة تجاهه؟
هل أصاب عقلي الخلل؟
أم أنني تعاطفت مع معذبي كما تتعاطف الضحية مع مختطفها طبقا لذلك المرض اللعين الذي قرأت عنه من قبل
ماذا كان إسمه؟
آآه
متلازمة ستوكهولم
هل حولني لمريضة نفسية مثله؟
سألني
"لماذا كففت عن المقاومة؟
لماذا إستسلمت له كشاة سلمت رقبتها لذابحها ؟"
أجبت وأنا أنظر للأفق مجددا
" لسبب لعين آخر بالطبع
لقد قرأت أن مقاومتي تزيد جنونه أكثر وتحفزه علي متابعة عنفه وأنني قد أكون ضحية رغبتي بتحديه يوما ما ، لذا كففت عن المقاومة وداومت علي المبالغة بتمثيل الإستسلام ، كما أنني لم أتحمل ما كان يفعله معي .
لكنني إن كنت سمحت له بإنتهاك جسدي فلن أسمح له أبدا بإنتهاك عقلي ."
وضع يده علي يدي فسحبتها سريعا وتابعت
" عندما يقترب مني أعكف علي ترديد أغنية برأسي لآلاف المرات وأركز بكلامها كي أصرف عقلي عما يحدث لي .
لو سمحت لعقلي بالشعور بالألم فلن أستطيع السيطرة علي محاولته لإنهاء هذا الألم .
وقد أنفذ رغبته بالإنتحار فأخسر كلتا الحياتين .
لكنني سأتحمل .
سأستمد الصبر من إيماني ، الله لن يتركني بهذا النفق المظلم لوقت أطول ، لابد أن يرسل لي ضوءا .
إشارة تخبرني أنه يراقبني ويستمع لدعائي وسيجيبه يوما ما .
هذا هو الشيئ الوحيد الذي مازلت أؤمن به إلي الآن .
عدا الله فقد كفرت بكل شيئ خاصة الحب . "
شدد قبضتيه علي السياج فكاد يخلعه
" أعدك أنك سأحررك منه نهائيا "
رفعت يدي معترضة
" لا تقطع وعودا لن تفي بها ، فهذا سيئ "
وضع يده علي رأسي وقال
" ورب عينيك لأزيل الحزن من قلبك كما أزلت أنت رتاج قلبي وسكنتيه "
سالت دموعي وإرتعش جسدي .
لم أصدقه حينها لكن ذبذبات صوته وهو يتلو القسم لمست وتيني .

*** 

عندما عدنا بعد غروب الشمس وجدنا هشام يجلس بالبهو فأشار له أحمد

" أحتاج للحديث معك "

إتجها للمكتبة وبعد فترة سمعت صوت نقاشهما يختلط ما بين الإعتراض والأوامر فقررت الصعود لغرفتي والإنتظار إلي أن غلبني النوم .

إستيقظت علي يدان عنيفتان تجذباني فصرخت

" ماذا؟ ، ما الذي حدث؟"

رأيت وجه هشام الذي يبتعد عن وجهي ببضع سنتيميترات كان قد أمسك بيدي بقبضته ورفعهما فوق رأسي ، والجنون يطل بوجهه الكريه من نظرات عينيه ، أشحت بوجهي وحاولت الإبتعاد عن أنفاسه الكريهة لكنه أجبرني علي النظر إليه

" مريم الصغيرة الجميلة الفاسدة ، لقد أديت مهمتك علي أكمل وجه وأصبح الشرقاوي كخاتم بإصبعك . يبدو أن ماذاقه قد أعجبه لأنه أراد أن يحتفظ بك لوقت أطول فلم يساومني علي يوم بل أرادك حتي يمل "

لم أستطع أن أفهم عما يتحدث لكنه تابع دون أن يكترث بإعتراضاتي

" كنت أعلم أنك ساحرة لعينة ، لقد ألقيت بسحرك عليه .

أتعلمين؟

لهذا كنت أمنعك عن الخروج .

منعتك كي لا تصطحبي رجلا آخر لفراشي كما فعلت تلك اللعينة .

أنت لعينة كأمي بالضبط .

فقد خانته بدم بارد أمام عيني وضربتني كي أصمت لذا قتلتها ."

إرتعدت صدمة ورعبا بينما إتسعت عينيه وزادت حدة تنفسه وهو يصرخ


" نعم قتلتها ، أنا قتلت الساقطة وباليوم التالي جلست بعزائها أبكي. ولولا أنني قايضتك بحريتي والكثير من أمواله ماكنت تركتك له وما زال بك قلبا ينبض .

لكنني سأترك له فتاتك ، سأترك له جسدا موسوم بختمي الأبدي ، ممتلأ بالجروح والكدمات والسحجات سيصيبه الإمتعاض فور رؤيته . وسيأمر خدمه برميك للكلاب خارج أسوار مزرعته العزيزة . وستعودين إليَ ، إلي معلمك وسيدك

لن أسمح لرجل غيري بلمسك مجددا . أنت ملكي وقد وضعت بصمتي علي جسدك للأبد ."

بدأت أصرخ

فضحك

" إصرخي .

أنت مجرد جسد.

جسد دون عقل .

لا تصلحي إلا للفراش .

دعيني أمنحك المتعة للمرة الأخيرة ."

قاومته

صرخت

صفعني

مزق ملابسي

أجبرني علي ترديد كلمات بذيئة لإثارته .

عندما إنتهي مني كانت قوتي قد خارت ، صوتي قد بح ووصل بي الإعياء إلي فقدان الوعي .


***


الخلاص


هل تمنيت الموت لسبب وجيه وعاندك أمر الله ؟

هل إنتهك أحد ما كرامتك أو جسدك من قبل ؟

هل شعرت أن كل مياه العالم لن تستطيع أن تخلصك من القذارة التي علقت بك ؟

إن كنت لم تجرب كل هذا فعليك أن تقضي عمرك سجودا لله وشكرا له علي عدم وضعك بإختبار كهذا .

إن كنت لم تجرب فإياك أن تجرؤ يوما وتحكم عليَ وعلي تصرفاتي.

إن كنت لم تجرب فإصمت

لأنني جربت .

ولأنني خرجت من التجربة بلا روح أو حياة .

لقد تم قتلي بتلك اللحظة .

الآن يحدثكم شبحي .

شبح قاس عنيد .

شبح أطل من عيوني وجلس بجوار جسدي لوقت بت أجهله حتي سمعت دقات نافذة الصبر علي الباب الذي إنفتح سريعا .

رأيت أحمد الشرقاوي يدخل منه أسود الوجه قلقا يتأمل ما بقي مني . رفع علي جسدي غطاءا كي يكسو عريي .

تفحص وجهي الشاحب ودموعه تغطي وجهه ثم حملني بغطائي ووضعني بمغطس الحمام وقال لي

"سأحضر زوجة سمير لتساعدك"

أمسكت يده وهززت رأسي نفيا وقلت بلسان ثقيل

"سأتخلص وحدي من قذارتي "

خرج وأغلق الباب خلفه ثم سمعت صوت شهقاته

حاولت التحرك ببطء وفتحت المياه فتساقطت علي ثيابي البالية وجسدي المدنس .

ورغم ذلك سمعت حديث أحمد الذي يخرج من بين شهقاته بصعوبة

" بعدما ترك مكتبي وإتفقنا علي توقيع أوراق خلاصك بالصباح بحضور المحامي الخاص بي ، كان لدي شعور بما ينوي أن يفعله فصعدت للطابق الثاني خلفه وسمعت صرخاتك .

سمعت صرخاتك يامريم ولم أستطع مساعدتك .

أردت أن أكسر الباب اللعين وأنتزع قلبه من صدره لكن التعقل غلبني بآخر دقيقة .

خشيت أن يتراجع عن إتفاقنا وبدلا من مساعدتك كنت سأزيد عذابك .

لم أتحمل سماع ألمك فغادرت الفيلا وقضيت باقي الليل هائما وعندما أشرقت الشمس عدت ،ووقع أمام عيني عقدا نافذا قد صاغه صديق . مقابل حريتك حصل علي مبلغ كبير بالإضافة لترقيته بمكانة مرموقة بفرع شركتي بلندن .

لكنه حصل أيضا علي لكمة كادت تفقده عينه اليمني ولولا أن صديق قد إنتزعه من يدي لكنت قتلته من أجلك يامريم .

لكني أقسم أنني لن أتركه بسلام ."

خرجت برداء الحمام ونظرت بعينيه وسألته

" أنا حرة ؟"

" أنت حرة للأبد يامريم "

رددت وأنا أبكي

" أنا حرة "

" وثيقة طلاقك ستكون بيدك بعد إسبوعين بإذن الله "

سقطت أرضا وأنهرت بكاءا

وكان آخر ما سمعته هو صوت أحمد يصرخ

" لما تأخر الطبيب ؟"

الفصل التالي

تعليقات