أخر الاخبار

رواية سيلا و ضربات القدر الفصل الثالث والرابع والخامس

 


حصريآ علي موقع 

المجد للقصص والحكايات

 الكاتبه نجلاء ناجي و رشا مجدي 

رواية ضربات القدر سيلا 

الحلقة الثالثة. .الرابعه.. الخامسه


لا يدرى كم من الوقت مضى عليه وهو غير مصدقا لما سمعه ،ماذن اصيب فى حادث وفى المشفى . 


شعر وكأن الخبر قد اسقط عليه كسقوط حجرا كبيرا على رأسه

مات زوجها وتزوجت اخوه


الحلقة الرابعة 


يعتدل الطبيب وينظل لهما بدهشة ويقول : افندم !! حضراتكم مين؟ 


الحاج رشدى وهو يدخل الى الغرفة ومعه اسلام قاضبا ما بين حاجبيه : احنا اهلها ،انت بتعمل ايه ؟ 


الطبيب وهو يتفرس، ملامحهما كما يتفرسان ملامحه ،ويرد بهدوء : جتلها حاله هياج ،واخيرا عرفنا نسيطر عليها قبل ما تأذى نفسها؛ دى محتاجة متابعة شديدة لانها ممكن تحاول الإنتحار. 


اسلام والحاج رشدى بدهشة وهما يرددان معا : إنتحار!للدرجة دى ؟

الطبيب وهو يقترب منهما ويقول بعملية :

-دى حالة انهيار عصبي حاد . ادعوا لها . 


ويهم الطبيب بالانصراف ،فيوقفة اسلام قائلا :

-أمال امها فين ؟ 


الطبيب وهو يهز رأسة ويقلب شفتية ويقول: مش عارف ، اسأل الممرضة المتابعة بره ،وانا هوصى انها تفضل تحت المراقبة اربعة وعشرين ساعة ،لحد لما تمر المرحلة دى . 


اومأ اسلام برأسة موافقة، وخرج مع الطبيب للحديث مع الممرضة بالخارج وظل الحاج رشدى مع سيلا وهو ينظر لها،وهى غائبة عن الوعى وتبكى وتردد اسم ماذن بين الحين والاخر . 


تأتى هناء تتكىء على عكازها ،وتخبرهم ان نوران استقرت حالتها واستعادت وعيها . فيذهب اسلام لرؤيتها ويبقى الحاج رشدى فى الغرفة . 


بعد فترة من الزمن .. 


يجلس اسلام مع والده فى كافتيريا المشفى ويتسائل : فى إيه يا حاج ؟ حاسس إنك قلقان ! 


الحاج رشدى وهو ينظر له فى عينية: اول ما تستقر حالتها هناخدها من هنا بسرعة يا اسلام . 


اسلام مندهشا : طب ما دا الطبيعى .إيه الاختلاف! 


الحاج رشدى متأففا بغيظ : الاختلاف إن الدكتور ده فيه حاجة مش مظبوطه؛ قلبى بيقولى كدا ،نظرة عينيه ليها مش مريحانى بالمرة . 


اسلام وهو يتأمل وجهه ابيه ويفكر فى كلامه، ثم يسأله :لية يا حاج ؟ 


الحاج رشدى بفراغ صبر : منا قلت ،هقول ايه اكتر من كدا ، اعرف لى بس مواعيد الدكتور دا إيه علشان نبقى موجودين . 


يذهب اسلام ويعلم مواعيد الطبيب، ويعود ويخبر الحاج رشدى الذى يظل صباحا فى منزلة لتلقى العزاء ،وفى المساء يكون فى المستشفى بصحبه اسلام او رمزى. استمر على هذا المنوال اسبوع ،حتى تحسنت حاله سيلا وخرجت من المستشفى الى منزل الحاج رشدى ؛الذى اصر على تكملة علاجها لديه، ويتابعها طبيب الوحدة الصحية . 


يسير فى ردهه المستشفى ويقف امام غرفتها ،يتلفت يمينا ويسارا ،متلهفة للقائها نهارا؛فقد حرص على تغيير مواعيد حضوره ليستطيع رؤيتها والحديث معها فى عدم وجود حماها واخو زوجها . ينظر الى الغرفة جيدا وهى ليست بها احدا ،يفق مذهولا للحظات ،ثم يخرج سريعا سائلا الممرضة المختصة بالدور . 


دكتور محسن : فين الحالة اللى كانت فى غرفة 440 ؟ 


الممرضة وهى ترى على جهاز الكمبيوتر امامها وتقول له : خرجت النهارده الصبح يا دكتور محسن . 


محسن مندهشا : إزاى دا ! من غير إذن مني ؟ 


فيتدارك ويقول بسخط وغضب : مين اللى مضى على إذن الخروج ؟ 


الممرضة وهى لا تذال تنظر الى الملفات التر تظهر امامعا على جهاز الكمبيوتر : أهلها خرجوها على مسؤليتهم الشخصية، ومدير المستشفى وافق . 


د محسن : طب هات لى الملف بتاعها على مكتبى ضرورى . 


يجلس محسن على مكتبه غاضبا من خروج سيلا بدون ان يراها او يعرف عنوانها . ويتنهد ويقف ويسير فى غرفته قليلا ثم تدلف الممرضة له ومعها ملف سيلا،ويأخذه منها بسرعة وينظر فى الملف على العنوان ورقم الهاتف ويدونهما فى ورقة ويطويها ويضعها فى جيبه . 


فى منزل الحاج رشدى 


تقف سيارة رمزى ،ويهبط منها رمزى والحاج رشدى ،و الحاجه صفية وتمد يدها لتأخذ بيد سيلا ويحمل رمزى راندا ويدخل بها فورا الى المنزل ،تتسابق الفتيات لحمل الامتعة ومساعدة سيلا ،والترحيب بها .. 


بخطواط بطيئة تتحرك سيلا ،وتسير معهم الى الداخل بخطواط حزينه باكية ،ترفض قدميها الحركه وكأنما يرفضان السير ،تنظر سيلا للمنزل من الخارج وتسرى ارتعاشة فى جسدها تشعر بها صفية ،فتربت عليها فى محاوله لها من طمأنتها قليلا ،تسير معهن فى وهن حتى تدخل الى المنزل ،ويقابلها سيف بإشتياق ،ويقدم عليها ،فتنحنى سيلا بألم وتحتضنه وتقبلة بكل حنان وحب وتغمض عينيها فى محاوله منها لمنع نفسها من البكاء . 


الحاجه صفية : خدوا يا بنات الشنط ودخلوها جوا . 


سيلا معترضة : لو سمحتى يا ماما ،خليهم يطلعوها فوق فى الشقة . انا هطلع فيها . 


الحاجة صفية معترضة : لا مينفعش .... 


تنظر لها سيلا بدهشة وحزن متسائلة، فتكمل الحاجه صفية : 


علشان انتى محتاجه رعاية وملاحظة ،والدكتور هيجى يتابعك فتبقى هنا معانا . 


خليها براحتها يا صفية :كانت تلك كلمات الحاج رشدى.

صفية وهى تنظر له تحاول ان تتحدث ،فيكمل : لما الدكتور يجى سيلا تنزل له هنا . وخلى بنتين معاها فوق .خليها تاخد راحتها فى شقتها . 


تهز صفية راسها موافقة، وتنفذ كلامه ،تتقدم نشوى وتسلم على سيلا وتقبلها وتعزيها ،فتبدأ سيلا فى البكاء وتجلس محتضنه سيف .

الحاج رشدى امرا الفتيات :يلا خدوا سيلا وطلعوها شقتها وخليكوا معاها ونوران هتبقى معانا هنا .. 


سيلا وهى تنهض وبصوت واهن : حاضر يا بابا الحاج . 


تذهب مع الفتيات ومعهن صفية. بخطواط بطيئة كانت تصعد الى شقتها ،نفس الطريق ،نفس الدرجات والطوابق ،ولكنه ليس معها . وقفت طويلا امام باب شقتها متردد فى الدخول . 


خشى يا بنتى واقفة لية :كلمات الحاجة صفية تحثها على الدخول .

تغمض عيناها وضربات قلبها تكاد تسمع وتدخل الشقة ،وكأنها ترى الاثاث والحوائط يبكى على فراق ماذن ،تدخل الى غرفتها وتتركها الفتيات وتبقى معها صفية وهى تنظر لها وللدموع التى فى عينيها. تجلس سيلا على السرير ولا تستطيع ان تتمالك نفسها فتبكى ،وتأخذها صفية فى حضنها وتبكى معها ،ويظلا حتى تنام سيلا على زراعها . 


فى منتصف اليوم يحضر طبييب الوحدة الصحيةلمتابعة سيلا،وتصعد صفية لتحضر سيلا له . 


يجلس الدكتور احمد فى المندرة مع الحاج رشدى ؛ منتظرا نزول سيلا ، تحضر صفية ومعها سيلا ،ينهض الدكتور احمد ويسلم عليهما ويحلس يتحدث مع سيلا قليلا ،وهى ترد عليه اجابات مقتضبة . 


الدكتور احمد :طب كدا تمام اوى ،زى ما اتفقنا بقى انتا بقينا اصحاب يعنى لو فى اى شىء مضايقك هتقولى لى عليه . 


سيلا ،لا ترد ولكنها تهز رأسها موافقة . 


الحاج رشدى : طب خدى سيلا يا حاجه لو سمحتى . 


تخرج سيلا والحاجه صفية وتصعدان الى شقة سيلا . يلتفت الحاج رشدى ويسأله فى اهتمام كبير : ها يا دكتور ،ايه رايك ،لسه ممكن تفكر فى الإنتحار؟

الدكتور احمد : خلى بالك انها لسه اول يوم ليها هنا النهاردة ،وهى طبعا لسه مطمنتش ليا ،يعنى لسه مقدرش احدد بالظبط بس حضرتك لازم تبقى تحت عنيكم ،ويا ريت يبقى معاها حد وبلاش يبقى جمبها اى شىء ممكن تأزى نفسها بيه؛الاقدام على الانتحار مش محتاج تفكير ،دا بيبقى لحظه يأس وكل شىء بيضيع .

الحاج رشدى: تفتكر اننا كنا نسيبها فى المستشفى شوية ، ولا ايه ؟

احمد : لا ان شاء الله مع المتابعة حتبقى كويسة وانا هاجى لها كل يوم مرتين فى الاول بس لحد لما ترتاح ليا وتبدأ تتكلم معايا وبعد كدا هنظم المواعيد . 


الحاج رشدى : البيت بيتك يا دكتور ، بس المهم تبقى كويسة . 


احمد وهو ينهض واقفا : تمام يا حاج ،وياريت تخلوا ولادها معاها ،دا هيقلل من شرودها ومش هيخليها تفكر كتير ،بس عايزكم تراقبوها من غير ما تلاحظ. 


الحاج رشدى : تمام يا دكتور، الف شكر ليك . 


يذهب الطبيب وتأتى الحاجة صفية ويخبرها يما قاله الطبيب .فتصعد لها ومعها سيف وراندا ويبقون معا حتى ينام الجميع . 


يمر أسبوع يحضر فيه الدكتور احمد صباحا ومساء ،وبدات سيلا الحديث معه،وكذلك سيف وراندا . 


الدكتور احمد : لا احنا بقيما عال خالص اهه ،بتاخدى الدوا فى مواعيدة ولا ..

سيلا : ايوه

الدكتور احمد متفرسا ملامحها :فى حاجه مضيقاكى ،ايه هيه ؟ 


ترفع سيلا وجهها له ويرى الدموع فى عينيها :اصل جالى تليفون من دبي؛ عايزيني اروح هناك علشان استلم مستحقات ماذن واخد حاجتى من الشقة واسلمها لهم . 


تهبط دموعها وتمسحها سيلا بسرعة ، بحركه قوية ،وكأنها تعنف نفسها ودموعها على السقوط امامه . 


الدكتور احمد متفهما :وعلشان كدا انتي زعلانه،انك هتسافري ولا لسبب تانى ؟ 


سيلا وهى تهز راسها نفيا: مش عارفة هسافر ازاى ولا هقول لبابا الحاج ازاى،واولادى هيروحوا فين ؟ انا لسه مش عارفة اعمل ايه ؟ولا همشى حياتى ازاى ؟ انا حاسة انى تايهه . 


احمد مبتسمابهدوء : واحنا روحنا فين ؟ احنا مش اصدقاء،انا ممكن ابلغ الحاج رشدى، ونفكر سوا عايزة تعملى ايه وايه اللى يريحك ، المهم تبقى مرتاحه . 


تمسح وجهها براحه يدها وتقول متنهده : 


والله انا مش عارفة اعمل اية ؟ انا مش عارفة افكر ؟ ولا عارفة اذا كنت اللى بفكر فية دا صح ولا غلط؟ 


الدكتور احمد :طب قولى بتفكرى فى ايه واشركينى معاكى ؟ يمكن اعرف اشور عليكى. 


سيلا: انا عايزة اسافر مع ولادى الاسكندرية واشتغل،بس دا مش هيحصل غير بعد ما ارجع من دبي . 


الدكتور احمد : هو حد زعلك من الجماعة هنا علشان عايزة تسبيهم ؟ 


سيلا بسرعة :لا والله ابدا ،ربنا عالم انا بحبهم قد اية ؟بس انا بفكر علشان المدارس اللى كانوا فيها فى دبي مش موجوده هنا فى البلد، لكن لها فرع فى الاسكندرية؛ يبقى افتح شقتى واقعد فيها وانقل ولادى هناك ،واشوف لى شغل. منا مش هفضل اخد فلوس من بابا الحاج . 


الدكتور احمد بهدوء : طب منتى هتاخدى مستحقات ماذن المالية من دبي . 


سيلا : حتتقسم حسب الشرع يا دكتور . انا عايزة ابقى مستقلة ماديا. فاهمنى 


يهز رأسه بإماءة موافقة ويقول : فاهم ،طب تحبى اساعدك ازاى ؟ 


سيلا بتوتر : مش عارفة. 


الدكتور احمد: طب خلاص انا هقول للحاج رشدى وهقولك . 


سيلا وهى تنهض : متشكرة جدا يا دكتور . 


وتتجه للخروج فينادى عليها دكتور احمد :سيلا 


تلتفت له، فيقول : نمرة تليفونك ايه ؟ علشان ابلغك واطمن عليكى وانتي مسافرة .

سيلا تبلغه رقمها وتذهب .يحضر الحاج رشدى ويسأله عن حالها

الدكتور احمد يبلغه ما أخبرته به سيلا . 


الحاج رشدى : انا عرفت بالمكالمه امبارح وكنت هبعت رمزى معاها لدبي .

الدكتور احمد معترضا : لو سمحت يا حاج يعنى انا ليا رأى تانى ،يا ريت لو تسبوها على راحتها ،هى خلاص عدت مرحلة انها ممكن تأذى نفسها ؛ يبقى سبوها تسافر وتشتغل علشان ميبقاش فى ضغط نفسى عليها ،خلى بالك انها لسه خارجه من انهيار عصبى حاد، يعنى مرة تانية وهيبقى لازم تتعالج فى مشتسفى . 


الحاج رشدى : تمام يا دكتور ،كتر الف خيرك 


احمد وهو يتحه للخروج : العفوا يا حاج دا شغلى وانا بقوم بيه ؟ عن اذنك

يخرج احمد من المندرة ويشاهد سيلا وهى تجلس فى الحديقة شاردة الذهن وسيف ونوران يشريات اللبن امامها . يتقدم منها ويقول لها : 


خلاص يا سيتى ،انا بلغت الحاج وخليته ميضغطش عليكى فى حاجة المهم تبقى نفسيتك مستريحه . 


لاح له شبح ابتسامه باهته وخرج صوتها واهن :

كتر الف خيرك يا دكتور . 


احمد : احنا اصدقاء ،ولو احتاجتى اى شىء او حبيتى تتكلمى مع حد كلمينى فى اى وقت . انا تحت امرك . 


سيلا : الف شكر ليك . 


احمد :طب سلام عليكم.

يقف لثوانى ثم يذهب فى طريقة . 


ست سيلا،الحاج عايزك: تلتفت سيلا لصوت الفتاه وتقف لتذهب للحاج رشدى وتقول للفتاه

-خلى بالك من الولاد لحد لما يشربوا اللبن . 


تذهب سيلا الى المندرة وتحلس معهم ،فتجد الحاج رشدى يقول : ناوية تسافرى دبي امتى ؟ 


سيلا بتوتر : ان شاء الله لما يس محمد اخويا ياخد اجازة .ونحجز

الحاج رشدى : وليه محمد ،ممكن تسافرى مع اسلام او رمزى ،انا كنت هقول لرمزى يسافر معاكى . 


سيلامعترضة :بس انا كلمت محمد اخويا ،وعلى العموم زى ما حضرتك عايز يا بابا . 


الحاج رشدى : يبقى رمزى يسافر معاكى .. 


تخرج سيلا من الغرفة وهى مختنقة بالدموع وتتجه للحديقة لتجلس مع اطفالها . 


يمر بعض الوقت ويفاجئ الحاج رشدى والحاجة صفية بدخول نشوى والشر يتطاير من عيناها . 


نشوى بغضب : حاج رشدى ،حاجة صفية ،شوفوا حد تانى غير رمزى جوزى بسافر مع سيلا. انا اصلا مش بشوفه ؛ وهو مشغول يبقى يسافر مع الهانم ليه بقى . خلى اخوها يسافر معاها ،وبلاش نخرب البيوت ونجيب البنزين جنب النار . 


الحاجة صفية وهى متفاجئه من حديث نشوى : انتى بتتكلمى كدا ازاى ؟ وقصدك ايه بالكلام دا ؟ 


نشوى بحدة وهى تقترب منهما : قصدى محدش يفكر فى رمزى ... واللى بتفكروا فيه او حتى لسه مفكرتوش فيه ،اوعوا تحطوا رمزى فى اعتباركم . ابعدوا رمزى عن سيلا و متخربوش بيتي . 


الحاجة صفية وقد فهمت ما ترمى له نشوى : اطمنى احنا مش بنفكر فى كدا. 


نشوى بإصرار : ايووة كدا ،خليها تشوف حالها بعيد عننا ،احنا لينا الولاد وبس .. 


تستمع سيلا للحديث ،وتكتم صوت بكائها وتذهب مسرعة الى حجرةماذن فى المنزل وهى تبكى،وتحتضن ابنتها ،ولكنها تجد يدا تربت على ظهرها وصوت سيف يقول : 


ماما ... مالك ... بتعيطى ليه ؟ 


سيلا وهى تنظر له :مفيش 


سيف ببراءه : انتى زعلانه علشان بابا سافر ومخدناش معاه ؟ 


سيلا باكيه أكثر: ايوة ، سافر وسابنا لوحدنا ،والكل خايف مننا . يا ريته كان خدنا معاه ،كان زمانا مستريحين ،وهم كمان مستريحين مننا . 


سيف : طب تعالى نروح لبابا . 


سيلا وهى تعتدل فى جلستها وتنظر له وكانها تفكر فى كلامه، لتقول فى آليه : هنروح له يا حبيبى، وهنلعب معاه ،ونستريح من الدنيا دى كلها . 


ينظر لها سيف وهو لا يفهم شىء من حديثها، ولكن يستمع الحاج رشدى للحديث ويهرول الى حجرته متحدثا الى الدكتور احمد ويخبره بما سمعه من سيلا وخوفه من ان تقدم على الانتحار ،ويطلب منه حضورة بسرعة . 


تجلس سيلا فى شقتها وتجد هدى اتية لها : ست سيلا،الحاج بيقولك ان الدكتور احمد تحت وعايزك تنزلى . 


سيلا :حاضر 


تحضر سيلا وتجلس معهم .

الدكتور احمد وهو يتفرس ملامحها: اخبارك النهاردة ايه يا سيلا؟ 


سيلا بهدوء وهى تنظر للحاج رشدى :الحمد لله 


احمد بهمس :تبقى مش كويسة . 


سيلا وهى تشعر بالاختناق ،تريد البكاء والصراخ، تريد البعد عن الجميع حتى يرتاح الجميع منها ولا يظن ان بوجودها خطرا عليه ..تريد .. تريد الاحتواء؛ تريد ماذن ليحتويها بين زراعية ويبعدها عن الجميع ..لحظة وهن وضعف لم تقوى سيلا على تحمل كل هذا تريد الانفجار والاحتواء .. 


يأتى اتصلا هاتفيا للحاج رشدى ،يخرج من المندرة ويترك الباب مفتوحا .

احمد بهمس وهو يتفرس ملامحها ويشعر بأنها على وشك الانهيار ؛فهى تفرك يداها بكثرة وحده ،تنفسها سريع غير منتظم ،عيناها تتحركان بشدة الى الاشىء : والنفسة يا سيلا... اخبارها ايه ؟ 


سيلا وهى تنظر له فى حده وكان هذا السؤال كان القشة التى قصمت ظهر البعير وكشفت ضعفها : منتظر اقولك ايه ؟ ها .. كويسة !! اهى عيشة وبس . 


احمد بهدوء وترقب : زعلانه ؟ 


سيلابحزن شديد : جدا 


احمد : لسه مصدومه؟ 


هنا يحاول احمد ان يكشف سبب غضب سيلا يحاول ان ياخذها بهدوء لتحكى له وتخرج مكنون صدرها ،حتى وان نفثت غضبها به لا يهمه كل ما يهمه ان يطمئن عليها، ويسبر اغوارها الداخلية . 


سيلا بصوت مختنق ولم تعد قاردة على التماسك: اوى . 


احمد : اتكلمى ،قولى كل اللى جواكى . انا سامعك . 


تتنهد سيلا وتقول بإستسلام : عايزتى اقولك ايه ؟ 


احمد بسرعه وقد شعر بان هذه اللحظه المناسبه لها لتحكى كل شىء :كل اللى حاسه بيه؛ ألمك ،وجعك، فرحك، كل حاجه حاسه بيها . 


سيلا ببكاء وانهيار : مخنوقة ... أنا مخنوقة اوى وموجوعه اوى ، مش عارفة أنا عملت ايه لكل دا ؟ أنا طول عمرى بحب الكل ،عمرى ما كرهت حد ،ولا اتمنيت حاجه وحشة لحد . حتى اللى بيغلط فيا كنت بسامحه . يبقى ليه يحصلى كل دا ؟ 


احمد : ابتلاء من ربنا ،وإختبار 


سيلا باكية بشدة :اختبار صعب اوى ... اوى ..انا لوحدى وخايفة .

الكل خايف منى وكارهني ،أنا وأولادى ،حاسة ان مكانا مش هنا ، إحنا مكانا مع ماذن . 


احمد بشك : بتفكرى تروحيله ؟ بتفكرى تنتحرى 


سيلا وكأنها نزيح ثقلا عن صدرها : ايوة ... فكرت انى انتحر بس صعب عليا الولاد ؛هيبقوا ايتام الاب والام كمان !! 


علشان كدا هم بس اللى مخلينى عايشة .كفاية انا عشت يتيمه الاب ،وربنا كتب عليهم يعيشوا تجربتى. أجى انا واقسى عليهم كمان ... ويبقوا ايتام الاب والام كمان . 


احمد بغضب لحالتها وانهيارها : إيه اللى خلاكى تحسى الاحساس ده ؟ 


سيلا: إنك تحس ان كل اللى حواليك كارهينك ،رغم انك بتتعامل معاهم كويس . وتقول كفاية عليا ماذن والحاج والحاجه . لكن ماذن خلاص راح ... راح الأمان يا دكتور . القدر بيعاندنى يا دكتور مش عارفة ليه ؟ 


احمد : طب ناوى على ايه ؟ 


سيلا بإستسلام : هعمل ايه يعنى ، هعيش لاولادى ؛هربيهم واعوضهم حنان الاب . 


احمد وهو يمسك يدها ليطمئنها ويهدأها : توعدينى لو حسيتى انك عايزة تتكلمى مع حد تكلمينى ؟ 


سيلا بخفوت : اوعدك 


احمد :معاكى نمرة تليفونى .. 


سيلا: ان شاء الله .. 


يدخل الحاج رشدى وقد سمع كل الحديث وتألم لها كثيرا. تخرج سيلا ويحاول احمد ان يتمالك اعصابه ويجلى صوته من شدة تأثرة ببكاء سيلا فيقول : 


-هى كويسة؛ فكرت فعلا فى الانتحار بس ولادها وحبها ليهم هو اللى مانعها . ودا شىء كويس ؛شعورها يإحتياجهم ليها ده الشىء الوحيد اللى مخليها تبعد فكرة الانتحار .

يخفض صوته ويقول ناصحا :يا ريت بس متضغطوش عليها ،وتابعوها من بعيد ..

الحاج رشدى : طب هى مسافرة دبي ايه رايك يروح معاها رمزى ولا اسلام ؟ 


احمد :هى ..عايزة مين ؟ . 


الحاج رشدى : كانت كلمت اخوها 


احمد بسرعة :يبقى اخوها ، يتدارك نفسة ويقول ؛ احسن علشان تبقى على راحتها .. 


الحاج رشدى : يبقى على بركه الله تروح مع اخوها .... 


الحلقة الخامسة 


تجهز سيلا نفسها للسفر لدبي مع أخيها محمد لمدة عشرة أيام وتترك أبنائها عند الحاج رشدى . 


فى دبى تقوم سيلا بتسلم مستحقاتها المالية ،وتقوم بشحن كل متعلقاتهم الخاصة للاسكندرية،فى ذلك الوقت كان الدكتور أحمد يتصل بها هاتفيا لمتابعة حالتها والإطمئنان عليها . تسلم الشقة للشركة وتعود للأسكندرية ،ومنها الى منزل الحاج رشدى. 


سيلا وهى تحتضن أبنائها وتقبلهم بشوق ولهفة : 


-وحشتونى أوى .. . تنظر للحاج رشدى وللحاجة صفية وتكمل ،كلكم وحشتونى . 


سيف ونوران : حبيبتى يا ماما ،وحشتينا أوى أوى 


الحاج رشدى بهدوء : خلصتى كل حاجه 


سيلا بحرج : الحمد لله .. 


تمد يدها وتأخذ مظروفا من حقيبتها وتعطية إلى الحاج رشدى الذى ينظر لها مستفهما . 


سيلا: دا شيك بمستحقات ماذن الله يرحمه ،إبعته للمجلس الحسبى علشان كل واحد ياخد حقة . 


الحاج رشدى يحزن : شيلى الظرف دا يا سيلا ؛أنا وصفية هنتنازل للولاد . إحنا مش عايزين حاجه ،وحقكم كمان هحطه لكم فى البنك. 


سيلا معترضة : بس يا بابا... 


الحاج رشدى مقاطعا : مفيش بس ... الكلام إنتهى هنا . قول لى بقى ناوية على ايه ؟ 


سيلا وهى تتنهد وتقول : هدور على شغل فى الاسكندرية وهقعد فى شقتى . 


الحاج رشدى : لوحدك ؟ 


سيلا بدون فهم : مع ولادى يا حاج . 


الحاج رشدى : طب ما تشتغلى مع رمزى فى المصنع هنا ،أو مع إسلام فى الشركة . 


سيلا بحده : لا ... مش عايزة مشاكل مع نشوى ولا شيماء يا بابا الحاج .ثم لان صوتها 


واكملت ،هشوف اى شغلانه وخلاص . 


الحاج رشدى : طب سبيها عليا وأنا هشوف

هنعمل إيه من هنا لحد لما شهور العدة تخلص ربنا يسهلها ؟ 


تصعد سيلا الى شقتها وتأخذ ابنائها . 


يتصل عليهاالدكتور أحمد ويتأكد من وصولها للبلدة ويكلم الصغار وينهى المكالمه . 


تدخل الحاجه صفية وزوجها لغرفتهم .يجلس الحاج رشدى هادئا . 


الحاجه صفية وهى تنظر له تحاول أن تعرف ما الزى يشغل باله ،ولكنها فشلت فى ذلك فسألته: 


-مالك يا حاج بتفكر فى ايه ؟ 


الحاج رشدى وهو يتنهد : مشكلة ومش عارف ليها حل يا صفية . 


صفية بإنتباه ودهشة : مشكلة !! مشكلة إيه يا حاج ؟ 


الحاج رشدى وهو متجهم الوجه : من يومين حد كلمنى على التليفون وكان عايز يقابلنى ، جه وقابلته؛ كان الدكتور محسن اللى بيعالج سيلا فى المستشفى فى الاسكندرية. 


الحاجة صفية وهى تنظر له وتحثة على مواصلة الحديث : وكان عايز ايه الدكتور دا ؟ 


الحاج رشدى بألم : كان عايز يتجوزها 


صفية بصيحه مستنكرة وغضب : ايييه !! ليه ؟ وازاى يطلبها كدا اصلا ؟ . 


الحاج رشدى بغضب : أنا من الاول منكتش مستريح له ،ولا لنظرته ليها؛وحتى قلت كدا لاسلام .بس هقول إيه ،أهو جه وطلبها .وهى صغيرة وحلوة وارملة؛ هو جانى لان مفيش فى ملفها غير عنوانا ورقم تليفونى. 


صفية بغضب وهى تبكى : وهتعمل إيه ؟ أرفضه. 


الحاج رشدى بألم : طب لو رفضت دا .. هعمل ايه مع ابن الحاج حسين كمان ؛مهو جه واتقدم لها كمان . 


الحاجة صفية باعتراض :هم معندهمش دم ،مش عارفين إنها فى عدتها إزاى يتقدموا لها كدا .؟ 


الحاج رشدى بسخرية وألم : كل واحد وبيقول إنه بس بيربط كلام ..ومفيش خطوة الا بعد ما تخلص عدتها . 


بتنهد ويكمل : مش عارفين إنهم بكلامهم دا بيوجعونى أكتر وأكتر .. ماذن مبقاش له شهر والناس بدأت تبص لها .لو رفضنا دول ،هتعملى إيه مع غيرهم وغيرهم 


الحاجة صفية باكية :بس ،كفاية ، لاء سيلا مش هتتجوز حد يا حاج . 


الحاج رشدى بحده : ليه ؟ تقدرى تمنعيها لو وافقت على أى حد من اللى إتقدموا لها . طب دول اللى جم ليا، أنا ،هنا وطلبوها؛ وأنا أبو جوزها . يا ترى بقى كام واحد كلم اخوها ؟ 


صفية بقلة حيلة : والعمل يا حاج . أرفضهم . دول جم امتى بس ؟ 


الحاج رشدى ينظر لها ولا يرد ،يصمت لفترة من الوقت وكأنه يفكر أو متردد فى الحديث وصفية بجواره تبكى . يقطع الصمت بصوت حزن منخفض : 


-ابن الحاج حسين لو وافقت هيجيب لها شقة فى اسكندرية بإسمها أو فى أى مكان هى عايزاه ...و.. 


الحاجة صفية مقاطعة برجاء وببكاء : بس... كفاية ،سيلا واولادها مش هيطلعوا بره العيلة 


الحاج رشدى بغضب : ليه ؟ هتحبسيها !!ولا هتعملى ايه ؟ 


الحاجة صفية : هجوزها حد من ولادى 


الحاج رشدى بدهشة : إزاى يعنى غصب ! 


صفية وهى تلوح بيدها رافضة :لا ،حاشا لله .. كله بالرضا يا حاج دى مهما كانت برده وليه وزى بنتى . 


يصمت الحاج رشدى ويفكر ثم بصوت هادىء

يقول: طب فهمينى عايزه إيه ؟ وقاصدك مين ؟ 


الحاجة صفية وهى تضع يدها على فخذه : 


إنت كلم إسلام وشوف رأيه إيه ؟ 


الحاج رشدى مندهشا:إيه ،اسلام !! ورمزى لا ليه ؟ 


الحاجه صفية :إسلام بعيد فى الاسكندرية، وشيماء كل همها النادى أصحابها ،وسيلا عايزه تقعد فى الاسكندرية. لكن لو رمزى مش هنخلص كل يوم من مشاكل نشوى معانا ومع سيلا ورمزى ،إنما إسلام، طول الوقت فى شغلة وشيماء وسيلا هيبقوا بعيد عن بعض ،وإسلام هيعرف يوقف شيماء كويس عند حدها . 


يتنهد الحاج رشدى بقله حيلة ويقول:على خيرة الله ،هكلم إسلام ونشوف هنعمل إيه ؟ 


هاتف الحاج رشدى اسلام وطلب منه سرعة حضوره . يأتى إسلام بعد أسبوع ؛وذلك لانشغاله فى العمل . 


إسلام وهو يدخل المندرة : السلام عليكم 


الحاج رشدى مؤنبا بنظراته له : وعليكم السلام ، لسه فاكر ،أمال لو ما كنتش قلت لك موضوع مهم . 


إسلام وهو يقبل يد الحاجه صفية : يا حاج كنت مشغول أوى أوى والله ، وأول ما فضيت جيت على طول .. 


يجلس إسلام وينظر له ويكمل : خير ،موضوع إيه دا بقى اللى مهم .؟ 


تنظر الحاجة صفية إلى رشدى وكأنها تقول له ابدأ بالحديث . 


الحاج رشدى بهدوء وهو يتفرس ملامح إسلام ونظر صفية معلقة عليه ايضا : بصراحه كدا ومن غير لف ودوران سيلا جاى لها ناس طالبينها للجواز و... 


اسلام بحده : إيه ؟ مين دول ؟ دول أكيد طمعانين فيها 


الحاجه صفية وهى تهدأ من روعه :اهدى بس وإسمع كلام الحاج للآخر . 


إسلام بحده : كلام إيه دا يا حاجة؟ ناس جايين يتقدموا ولسه العدة مخلصتش يبقى إية ؟ أكيد طمعانين ،وكمان بقى مش بعيد الاقى حد جاى ينط لى فى الشركه ويقرفنى . الموضوع دا مرفوض نهائي 


الحاج رشدى بغضب وقد حاول السيطره عليه : هنجبرها متتحوزش ،دا حقها ،ودا شرع ربنا ، ... 


إسلام وهو يحدق فى وجهه :خلاص طالما حقها تتنازل عن نصيبها فى الشركه لولادها والوصاية هتبقى ليك او لامها ؛ولو إن أمها ست كبيرة وتعبانه . المهم ملاقيش حد جاى ليا فى الشركه وكل امر لازم يوافق عليه ..انا مش هقبل بدا

أبدا . 


الحاج رشدى : وإحنا مش هنجبرها إنها تننازل عن حقها يا إسلام. . 


إسلام بحده : وانا مش هسمح لحد يدخل عليا شركتى ويقاسمنى فيها يا حاج ؛حق ولاد اخويا أنا هحافظ لهم عليه لكن سيلا تجيب لى راجل غريب وتدخلة الشركه لاء. تاخد حقها فلوس وتمشى . 


الحاجة صفية: وإنت تجبرها بكدا ليه يا إسلام ؟ 


إسلام وهو ينظر لهما بضيق وحده : أمال أجبر نفسى إن واحد غريب يجى ويتحكم فى مالى مش هيحصل أبدا . 


الحاجه صفية يتردد : يبقى مفيش غير حل واحد ..انك تتجوزها 


إسلام بدهشة وهو يجلس مرددا :أتجوزها! !

يلتفت لهما وينظر لهما ويقول :

إزاى دى مرات ماذن ! 


الحاجة صفية بألم : الله يرحمه يا إسلام . فكر وشوف هتعمل إيه ؟ لو مش موافق ؛أبوك هيقولها على الاتنين اللى جم ليها وهى تختار . 


إسلام وهو يلتفت لها بحنق :إتنين ! وهى وهم مستعجلين على إيه ؟ 


الحاج رشدى : هى متعرفش حاجه ،إنت حتى مسألتش مين هم العرسان دول ؟ 


اسلام بتهكم :مين ؟ 


الحاج رشدى يسخرية : الدكتور محسن بتاع المستشفى وشريف ابن الحاج حسين . 


إسلام ولم يعلق فى ذهنه غير إسم الطبيب ليسأل بشك : الدكتور دا ... كان بينهم حاجه 


الحاجة صفية معترضة : عيب تقول كدا على مرات أخوك ،سيلا مش كدا ابدا . 


إسلام ساخرا :طب فهمينى بقى إزاى ؛الدكتور اللى بيعالجها جاى يتجوزها وهى لسة فى العده ،فهمينى إزاى بقى ؟ 


الحاج رشدى بغضب : وهى كانت عارفة إن جوزها هيعمل حادثة ويموت ،وهى كانت فى حوزها اللى مات والانهيار اللى جالها ولا كانت راحه تعمل غراميات مع الدكتور ،متفوق بقى يا إسلام وبطل الشك ده . 


يصمت قليلا ويكمل : فاكر لما قلت لك إنى مش مستريح له وإن نظراته مريبة ... 


إسلام وقد فهم ما يرمى له والده، فيغمغم فى أسف :أنا آسف يا حاج .بس فعلا غريبة 


الحاج رشدى : إياك والتسرع يا إسلام ، دا قصف محصنات يا ابنى ، على العموم فكر وشوف هتعمل اية ورد عليا . 


يخرج الحاج رشدى ومعه الحاجه صفية ويتركوا إسلام فى الحجرة ،يلف بها يمنا ويسارا ويفكر ،يشعر بالإختناق فيخرج من المندرة إلى الحديقة ويقابل هدى ويطلب منها أن تحضر له فنجان من القهوه ،يمشى إسلام وهو يفكر ،ويشوط الحصى الذى أمامه وكأنه يشوط أفكاره ،يجلس إسلام فى الحديقة مفكرا فى حديث الحاج رشدى، ويشعر بالتخبط ؛أيتزوج من أرملة أخيه ؟ولما لا ؟من أجل الابناء فقط . وزوجته وأبنائه مابهما ؟ وهل يترك غريب لتربية ابناء اخيه ؟ ويصبح هذا الغريب شريكا له فى المال ؟

من الممكن ان تذهب الوصاية لابيه ومن بعده له ،ولكن سيظل هناك ذاك الغريب الذى سيسيطر على ابناء اخيه سواء طال الزمان ام قصر . 


تأتى هدى وتضع القهوه أمامه ، يمد يده وهو يتنهد ويمسك بفنحانه ويرتشف منه رشفة ويغلق عينيه ويرجع رأسه للوراء ويفتحهما، فيجد سيلا تقف فى شرفة شقتها وهى تسقى زهرات الياسمين ولا تلاحظه . 


ظل ينظر لها طويلا ويتأملها وهى تأخذ الاوراق الجافة وتعتنى بالشجرة وتقترب منها لتشم رائحتها . 


اسلام لنفسه :لو بصت عندى تبقى دى إشارة من ربنا وأوافق على الجواز ،ولو دخلت ومشفتنيش يبقى خلاص هرفض . 


عند سيلا .. 


كانت سيلا تشعر بالاختناق ،فخرجت فى شرفة شقتها لتنظر للنخيل والاشجار وتسقى شجرة الياسمين بجوارها وظلت تتنفس رائحه الياسمين التى تعشقها وهى مغلقة العينين وكأنها تغرق نفسها فى رائحة الياسمين وتخرج توترها واختناقها به ،ثم فتحتهما وهى تتنهد لتسقط عيناها على إسلام ؛وهو جالسا فى الحديقة يرتشف القوة ونظرة مسلطا عليها . ترتبك سيلا من نظرته ويسقط قلبها بين قدميها وتدخل بسرعة الى حجرتها ولا تدرى لماذا فعلت ذلك .إحتمال لانها لا تريد مشاكل مع شيماء هى الاخرى . 


عند إسلام .... 


يبتسم إسلام من رده فعل سيلا،وينهض ويتجه للداخل ثم يذهب إلى الاسكندرية دون ان يتحدث مع أحد . 


تمر الشهور سريعا وتبقى سيلا فى منزل الحاج رشدى حتى إنتهاء العده ويقوم محمد أخيها بتقديم أوراق أبناء سيلا للمدارس في الاسكندرية. . 


يدخل إسلام الى الحاج رشدى ويراه جالسا مهموما . 


إسلام وهو يلقى السلام : السلام عليكم يا حاج . 


الحاج رشدى وهو ينظر له بغيظ وتأنيب : وعليكم السلام 


يجلس إسلام ويسأل الحاجة صفية : الحاج ماله ؟إيه مزعله ؟ 


يرد علية الحاج رشدى : محدش مزعلنى ،انا بس بفكر 


إسلام بتلقائيه : طب ما تشركنى معاك يا حاج. 


الحاج رشدى مستسلما : ماشى هشركك معايا .

عده سيلا خلاص لسلها ايام وتخلص ،وهى هترجع تعيش فى الاسكندرية، والدكتور محسن وشريف كلمونى تانى .. وذاد عليهم الدكتور أحمد بتاع الوحده الصحية هنا ... إنت إيه رأيك ؟ 


ظل الحاج رشدى يتفحص وجهه إسلام جيدا ليرى رده فعله على ما سمعه 


إسلام مندهشا : الدكتور أحمد كمان ! 


الحاجة صفية : أيوه 


إسلام بغضب : هو داخل بيتنا يعالجها ولا يبص عليها ويحبها . 


الحاج رشدى بغضب : إسلاااام . دخل وقعد معاها وعالجها وهى صغيرةوحلوة ولما حب يتكلم جه هنا وقالى. الدور والباقى على اللى كلمناه ومشى وعدت شهور ومردش .

انا لسه هقول لسيلا علشان تفكر تختار مين فيهم . 


إسلام بغضب واستنكار : إنت بتقول إيه يا حاج ! 


الحاج رشدى : هم جايين البيت من بابه وكان ممكن يكلموها من غير ما نعرف و... 


إسلام مقاطعا : أعتقد مفيش حد بيتقدم يتجوز واحدة مخطوبة يا حاج 


الحاج رشدى يعصبية : مين دى اللى مخطوبه يا إسلام ؟ 


إسلام وبحزم : سيلا فى حكم المخطوبة ليا . 


الحاج رشدى بدهشة : هى لسه متعرفش ،وبعدين انا فاتحتك فى الموضوع وقلت لك فكر ورد عليا ،وانت مردش ،وهى ممكن ترفضك . 


يريد الحاج رشدى أن يعرف سبب موافقة إسلام على الزواج من سيلا؛ هل هو بسبب الشركه أم بسبب الأبناء؟ أم لسبب اخر ؟ 


إسلام مستنكرا وبحده : ترفض مين يا حاج ! ترفضنى أنا . 


مفيش حد هيربى ولاد أخويا غيرى يا حاج . يا إما مفيش جوزا لسيلا نهائى . 


الحاج رشدى ؛ وقد تأكد من أن إسلام لا يطمع فى الشركه ولكنه يخاف على أبناء أخيه،فأخذ يهدأ من غضب إسلام : الأمور متتاخدش كدا يا إسلام بالهداوه شوية 


إسلام بحده : مفيش هداوه يا حاج عرسان الغفلة دول أنا هكلمهم أعرفهم انى هتجوزها و... 


الحاج رشدى بإنفعال : مش كدا يا إسلام ... سيبلى الموضوع ده اتصرف فيه ،ويا ريت متدخلش خالص دلوقتى . 


يصمت قليلا ليهدأ نفسه ثم يكمل : إنت بلغتنى موافقتك ،يبقى خلاص. هنقول لسيلا و نشوف رأيها إيه ؟ ولحد لما تقول رأيها يا ريت متجيش هنا إلا لما أطلبك ،وإوعى تكلم أى حد من اللى إتقدموا لها .... فاهم . 


إسلام مستسلما : اللى تشوفة يا حاج . 


الحاج رشدى بحزم : وإعمل حسابك سيلا هتيجى تشتغل معاك فى الشركة . 


إسلام مندهشا : نعععم !! ليه؟ 


الحاج رشدى بحزم : حقها وحق عيالها .إنت ناسى إن ماذن الله يرحمه شريك معاك بالنص ، هى هتيجى تشتغل معاك ؛سواء وافقت عليك أو رفضت. إعمل حسابك على كدا .. 


ومتقولش حاجه لمراتك لحد لما نسمع رأى سيلا إيه ؟ ... فاهم 


إسلام : فاهم يا حاج ... أنا ماشى 


يأتى سيف ونوران ويسلمان على إسلام ويجلس معهم قليلا ثم يسافر إلى الاسكندرية. 


فى داخل غرفة الحاج رشدى ... 


صفية ... عايزك تكلمى سيلا وتشوفى رأيها ؟ وشوفى هى مياله ليه ؟ولا إيه ؟ وسبيها براحتها تفكر ومتضغطيش عليها بالعيال . 


كانت تلك كلمات الحاج رشدى لزوجتة صفية . 


صفية : اكيد يا حاج مش هضغط عليها ...بس يعنى ... وظهر التوتر عليها 


قولى فى ايه قلقك ؟ : الحاج رشدى مستفسرا . 


الحاجة صفية : خايفة ترفض إسلام وتوافق على أى حد تانى ... مش هستحمل كدا . ومش هسكت 


الحاج رشدى وهو يضيق عينيه ويقول :يعنى هتعملى إيه ؟ 


الحاجة صفية وهى تفرك يداها بتوتر : من الآخر كدا أنا مش هخرجهم بره البيت يا إسلام، يا رمزى لكن حد تانى مش هيحصل. . انا هقنعها. 


الحاج رى غاضبا : إوعى تقولى كدا تانى ... هى حره .. إنتى بس عرفيها إنها هتشتغل مع إسلام فى الشركه وهتخلى بالها من نصيب عيالها علشان تطمن .. وهى إن شاء الله هتوافق ..لكن غصب لاء يا حاجة .. فهمانى . غصب لاء . 


نغمه التحذير تلك كانت لها بمثابه الامر الذى جعلها تنسى تماما ما كانت تريد أن تفعله من الضغط على سيلا لتوافق على اسلام .. 


الحاجه صفية : حاضر يا حاج ... هطلع لها شقتها وأكلمها فوق أحسن هنا ممكن كلمه تتسمع إحنا مش عايزين مشاكل دلوقتى مع شيماء . 


يتبع ....


يفيق على صوت المتصل وهو ويقول :

الو ...الو.. يا استاذ 


اسلام وهو يفيق من شروده :ايوة ..معاك ... انت بتقول ان صاحب التليفون دا فى المسشتفى ؟ 


المتصل : ايوة يا استاذ .. 


اسلام :اسم المستشفى اية لو سمحت ؟ 


المتصل : مستشفى (.....) 


يأخذ اسلام العنوان ،ويتصل برمزى ويخبره؛ لكى يخبر الحاج رشدى ويتوجهوا الى المشفى . 


يصل اسلام اولا الى المستشفى ويسأل على ماذن وسيلا،فيخبره بانهما فى العمليات ،ونوران فى العناية المركزة ؛للاشتباه فى ارتجاج بالمخ ،وسيف به بعض الرضوض والخدوش . 


يأتى الحاج رشدى ومعه الحاجه صفية مع رمزى ،ويخبرهم بما حدث للجميع . 


يتركهم رمزى ويذهب لرؤية نوران فى العناية المركزة . يفيق سيف ويبكى،تذهب الحاجه صفية له ،وتأتى به وتجلس مع الجميع امام باب 


العمليات ،ياتى رمزى ويسأل على سيلا فيخبروه انها فى عمليات الجانب الاخر من الرواق ،يذهب اليها ويظل امام باب العمليات ليتابع حالتها يقف الجميع امام غرفة العمليات التى بها

ماذن ،واعينهم معلقة على بابها وقلوبهم تبتهل لله ان يلطف به . تاتى لهم ممرضة وتسألهم 


الممرضة : حد هنا من أهل المريضة . 


الحاج رشدى يقف وقول : إحنا اهل جوزها فى اية ؟ 


تتعلق عيناى الحاجة صفية بالممرضة وهى متلهفة لتعلم ما الامر لتسمع الممرضة تقول : إحنا عايزين حد من اهلها علشان المريضة كانت حامل وسقطت ، وهنعمل عملية تنضيف ولازم موافقة الزوج او حد من اهلها .. 


تشهق الحاجة صفية وتبكى وتقول: يا حبيبتى يا بنتى. . سترك يا رب 


اسلام :انا اخو جوزها ممكن . 


الحاج رشدى : وانا ابوه . 


الممرضة : يبقى الحاج اللى يمضى ..اتفضل معايا يا حاج . 


يذهب الحاج رشدى واسلام مع الممرضة ، ويخرج الطبيب من غرفة العمليات وهو مكفهر الوجهه فتهرول له الحاجة صفية وتسأله على ماذن .

ينظر لها الطبيب ويخفض رأسه ويقول : 


-شيدى حيلك يا امى ..البقاء لله .. 


يستمع رمزى لكلمات الطبيب وهو يتقدم نحوه ويسمع الحاجة صفية وهى تصرخ ماااااذن . 


يأخذها رمزى بين ذراعية وتنهار صفيه فى البكاء على فلذة كبدها ،ويبكى سيف .يتركهم الطبيب ويمشى ويأتى اسلام مع الحاج رشدى ويروا بكاء الجميع ويسألونهم 


رمزى ببكاء : ماذن تعيش انت ... 


يصدم الحاج رشدى ويجلس ويبكى ويبكى الجميع ..وتأتى ممرضة تطلب منهم استكمال إجراءات تصاريح الدفن. 


يتركهم اسلام ورمزى ويتجهوا لاستخراج تصاريح الدفن . 


تخرج سيلا من العمليات وهى لا تزال مخدره .توضع فى حجرة ومعها سيف والحاجة صفية التى تنتحب على ماذن . تبدأ سيلا فى استعاده وعيها بعد فترة من الوقت . 


سيلا وهى تفيق وبصوت واهن : اااااه ... ماذن.

تسمعها الحاجة صفية ويذداد نحيبها 


سيلا وهى ما بين الوعى والاوعى ،تستمع لصوت بكاء وان معها شخص ولكن الرؤية لديها مشوشه ؛لا ترى بوضوح . 


سيلا بتساؤل وهى لا ترى جيدا : ماما ... ماذن والعيال فين ؟ 


الحاجة صفية وسط بكائها : سيف اهه قاعد جنبى ، ونوران فى العناية المركزة،و..وماذن .وهنا يختنق صوتها بالبكاء وتقول : تعيشى إنتي . 


تصدم سيلا وهى تستمع لحديث الحاجة صفية ، ماذا سمعت ؟ احقا ما سمعت ؟تشعر سيلا وكان قلبها قد انتزع من صدرها ، لا تشعر بدقات قلب او نبض ، تشعر انها أصبحت مع الاموات ، اصدقا ما تقوله ؟ ألن تراه ثانيه ؟ألن تسمع صوته، وهمسه وهو ينطق اسمها ثانية ؟ 


تصرخ سيلا باسمه وتحاول النهوض من على السرير ولكن لا تستطيع ،تخرج الحاجة صفية يسرعة تطلب من الممرضات والدكاترة المساعدة ،وسط صراخ سيلا وبكاء سيف . يحضر الطبيب ويعطى لها حقنه مهدئه ،وتذهب سيلا فى ثبات عميق وهى تهذى بإسم ماذن وتبكى وهى نائمة . 


يتصل اسلام بوالدة سيلا وأخيها ويخبرهما ما حدث ،فيحضران بسرعة . 


يضطر الحاج رشدى وصفية واسلام ورمزى ترك سيلا مع والدتها والعودة الى البحيرة لدفن ماذن واقامة سرادق العزاء، ويذهب معهم محمد اخو سيلا . 


يمر الطبيب بعد مرور وقت طويل ،ليتابع حاله سيلا ، يقف الطبيب يتأمل ذاك الملاك النائم وهو يبكى بلا انقطاع ، يشفق عليها ويقترب منها وهى نائمه فيمسح دموعها ،ويفاجئ بإستمرارها فى البكاء، يشفق عليها الطيب وهو يرى ارتعاشتها ودموعها ،يتأملها ويتأمل ملامحها ،ودون شعور منه يمسد بيده على شعرها ووجنتيها .لا يدرى لما ضريات قلبة تشتد هكذا ولماذا يشعر بالالم لها ،فسر ذلك بانه شفقة عليها ولكنه ما ان رأى ارتعاشتها ومسك يدها ولاحظ برودتها حتى اقترب منها ليضمها اليه ويخمد ارتعاشها .. 


فى تلك الاثناء تدخل والدة سيلا وهى تتكىء على عكازها ؛حيث كانت عند نوران تراها وهى فى العناية المركزة 


هناء :اخبارها ايه يا دكتور ؟ 


يبتعد الطبيب عن سيلا ،ويجبر عينيه على الابتعاد عنها ،ويجلى صوته ويهدأ من ضربات قلبة ويقول : عندها انهيار عصبى حاد ... بس دا من إيه ؟ 


هناء وهى تجلس فلا طاقة لها على الوقوف،وتقول ببكاء : كانت مسافر هى وجوزها وولادها ،وحصلت لهم حادثة، جوزها مات ،وهى كانت حامل وسقطت ،وبنتها فى العنايه المركزة . 


الطبيب بدهشة وألم : الله يكون فى عونها ،البقاء لله ، طب خلى بالك منها وانا هنبه على الممرضات يخلوا بالهم منها 


هناء وهى تمسح دموعها : الف شكر ليك يا دكتور. 


يهز الطبيب راسه ويخرج من الغرفة بعد ان ينظر على سيلا وهى تبكى نظرة طويلة مليئة بالشفقة عليها. يعطى الطبيب اوامره بضرورة مراعات سيلا ،وإذا استيقظت يخبروه فورا . 


فى ذلك الاثناء كانت اسرة الحاج رشدى تتلقى العزاء فى ماذن ،والحاجة صفية تجلس مع النساء ومعها نشوى وشيماء . عندما سألت النسوة عن سيلا كانت صفية ترد بأنها فى المستشفى مع ابنتها . 


يوم مرهق وشاق ،اخذ الجميع بحد السكين ،يتحدثون ويردون ويتلقون واجب العزاء ولكنهم فى عالم اخر ؛ كل منهم مصدوم غير مصدق لما يحدث ،ساعات ولحظات تفرق بين وجود انسان من عدمه، تفصل من بيت يملؤة المرح والسعادة الى بيت يكسوه الحزن والالم . والفراق ...اه من الم الفراق ... 


كانت صفية تجلس وبجوارها سيف الذى كان يبكى كثيرا ويسأل على سيلا، يمر الوقت سريعا عليهم وهم لا يشعرون باى شىء من كثرة الألم والحزن . 


فى ذلك الوقت كانت هناء تبقى مع سيلا فترة وتذهب لرؤية الصغيرة وتأتى ثانية .. 


ينتهى السرادق تصعد شيماء ونشوى كل منهما الى شقتها وتنام من فرط التعب . ويظل الحاج رشدى وصفية مع اسلام ورمزى يجلسون معا صامدون ؛يخشى رمزى على والدية من شدة الحزن،وإسلام مرهق ولا يركز فى شىء ،والحاجة صفية تذهب وترى سيف وهو نائم وتطمئن عليه .

الحاجة صفية : يلا كل واحد يطلع شقته،انا هخلى بالى من الحاج متخافوش .. 


رمزى بقلق:يا حاجة دا متكلمش خالص غير الحمد لله وبس . 


اسلام بهدوء : ابوك قوى وان شاء الله هتعدى على خير .. 


صفية بحزن : يلا ... كل واحد على شقته

يصعد كل منهما الى شقته وهو مهموم وحزين وينام مباشرة، يدخل الحاج رشدى ويتوضأ ويصلى ويقرأ القرآن وينام .... 


بعد فترة يستيقظ الحاج رشدى على كابوس ،ويهب واقفا . 


صفية بدهشة : فى ايه يا حاج رشدى ...مالك !

الحاج رشدى امرا لها : صحى اسلام بسرعة يا صفية . 


صفيه بجدية : فى إيه ؟ انت تعبان ؟فى حاجة ؟ قولى . 


الحاج رشدى : بسرعة يا صفية خلى اسلام ينزل بسرعة . 


تنادى صفية على اسلام وتبعث له احدى الفتيات تطرق عليه شقته وتطلبه لرؤية الحاج ،تستمع شيماء لها وتتأفف من هذا القلق فى مثل هذه الساعة ،ينهض اسلام بسرعة ويتوجه الى الحاج رشدى

اسلام بخضة وهو يتفحص والده :مالك يا حاج ...فى حاجه تعباك ؟ 


الخاج رشدى : انا بخير ،تعال معايا المستشفى لمرات اخوك . 


تجهش الحاجة صفية فى بكاء حار

اسلام وهو ينظر لها ولوالده بدهشة،وينظر فى ساعه يده ، ويجدها تعدث الثالثة . 


_ دلوقتى يا حاج ،عايز تروح المستشفى؟ ؟ طب ليه ؟ 


الحاج رشدى فى حزم : هى كلمه هتيجى توصلتى ولا اروح لوحدى .؟ 


اسلام بعدم رضا :لا،جاى معاك طبعا ،بس عايز افهم فى إيه؟ 


الحاج رشدى وهو يتجه للخارج ويتبعه اسلام وصفية :بسرعة بس وهبقى احكى لك فى السكه .

يذهب اسلام بسرعة ويلبس ملابسة ويأخذ الحاج رشدى ويتجهان الى المستشفى. 


فى العربة .. 


الحاج رشدى وهو قلقا :بسرعة يا اسلام .

اسلام بعدم فهم ورضا : بس لو تقولى فى ايه يا حاج ؟ تفهمنى بس 


يتنهد الحاج رشدى وتدمع عيناه ويقول بصوت متهدج بغضة فى حلقة : ماذن ، 


يلتفت له اسلام بدهشة ينظر له ثم ينظر للطريق ويقول: ماله ماذن ؟ 


الحاج رشدى ببكاء : اخوك جالى فى الحلم ، وكان زعلان اوى اننا سايبين سيلا فى المستشفى لوحدها وأمها ست كبيرة، وعايزة اللى يخلى باله منها. قالى( كدا يا بابا تسيب مراتى وبنتى لوحدهم للديابه .) وكانت عنيه فيها دموع ،مقدرتش اشوفة كدا وهو بيبكى ،وماشى زعلان منى يا اسلام.

وناديت عليه ،قالى (مراتى وبنتى فى خطر )

قومت من النوم قلت لازم اروح حالا ليهم المستشفى. . 


اسلام وهو يتنهد : يعنى حلم يعمل فيك كل دا يا حاج 


الحاج رشدى يعصبية : لا دا مش حلم. .. دى رؤية، اخوك جاى ينبهنى ان مراته وبنته فى خطر ،واحنا لازم نكون معاهم . 


اسلام معترضا : خطر ايه بس يا حاج دول فى مستشفى استثمارى والكل بيخلى ياله منهم .

الحاج رشدى ينظر له ولا يرد. 


فى ذلك الوقت تستيقظ سيلا من نوما وهى تصرخ بشكل هستيرى ؛يتردد فى ذهنها صوت ماذن وهو يتحدث لها ،يهمس لها،يضحك لها ،وصوت صفية وهى تبلغها بموت ماذن .فتظل سيلا تصرخ وتنادى على ماذن بصوت عالى . 


تهرول الممرضة بسرعة لها وتحاول ان تعطى لها حقنه مهدئه ولكنها تفشل فى ذلك تنادى على زميلة لها لتساعدها ويفشلان ايضا ،فيطلبان الطبيب بسرعة ،ويأتى الطبيب ويامر الممرضات ان يكتفن سيلا فلا يستطعن السيطرة عليها ،يقوم الطبيب ويشل حركه سيلابذراعية وهى تقاومه فى شدة ويأمر الطبيب الممرضة بسرعه اعطائها الحقنه،فتعطيها الحقنه ،وتظل سيلا تقاومه وتصرخ بشدة 


الطبيب امرا : اخرجوا برده كدا كفاية. ..

تخرج الممرضات وتتركه معها فى الحجرة ،وظل ممسكا بها بقوة ،وبدأت قوى سيلا تضعف ،فخف الطبيب من حدة مسكته حتى اسبلت جفناها ووضعت رأسها على صدرة وذهبت فى سبات عميق . 


يتأمل وجهها الطبيب عن قرب ،يريت علي كتفها وظهرها، ويمسح دمعها ،ويزيح خصلات شعرها المتناثرة حول وجهها ثم يعتدل ويضع رأسها بهدوء شديد على الوساده 


بتعمل إيه عندك ... 


يلتفت بسرعة فى دهشة ، ليرى زوج من الاعين تحدق به وشرارة الغضب تتطاير من المقل 


يتبع ....

الفصل التالي

تعليقات