أخر الاخبار

رواية الأم الحياة الفصل الثاني

 حصرين ع موقع المجد للقصص والحكايات 

حصرين ع موقع المجد للقصص والحكايات   الكاتبه اسماء ندا   رواية الأم الحياة   البارت الثاني


الكاتبه اسماء ندا 

رواية الأم الحياة 

البارت الثاني 


تسللت بيان الى داخل المستشفى لكي لا يرها أبيها  أو اخيها   لرؤية مريم والترحيب بها فهى يفترض أن تكون بالمدرسة فى هذا الوقت ولكنها خربت كي تأتي لرؤية مريم  وما ان رأتها حتى قفزت عليها تحتضنها 


بيان :-ما هذا انت اجمل بكثير من الصورة يا فتاة 


مريم ضاحكة  :- اكيد انت بيان  وانت ايضا أجمل بل ومشاكسه اكثر  


بيان :- هيا تعالى ندخل اى حجرة كى لا يرانى ابى فانا هربت من المدراسة اليوم كي اتى لك 


مريم :- مجنونه لما لم تكملي يومك وتاتى بعد المدرسة الى السكن


بيان :- امممم لكنى كنت اتلهف لرؤيتك ولم استطع الانتظار. هيا  هيا 


ثم دخلا غرفة بها احدي المرضى وكان نائم و جلسنا  سويا   وهمست بيان 


بيان - أخبريني كيف ترى فلسطين 


مريم :- لم اراها. بعد فأنا من المستشفى الى السكن يوميا غير ان هذا الطبيب السمج يضعنى برأسه ويطلبنى للعمل فى أوقات كثيرة حتى ليلا 


بيان  :- من هو هذا الطبيب وسوف اجعل ابى او اخي يراجعونه 


مريم -  لا اتذكر اسمه و لكنه شاب وسيم اسمر طويل ذات بنية جسدية رياضية ليس قوى ولكنه جيد الى حد ما و ل.


لم تكمل كلامها حتى قاطعتها بيان :-اممم و سمج بعد كل هذا سمج  هل اذهب اختبه لك  


ضربتها مريم على كتفها وهى تضحك وتكمل 


مريم :- ان سمعتي الى النهاية كنت علمتى لما اقول سمج  فهو  عصبي ومغرور 


ثم وقفت تقلد القاسم فى حركاته وطريقة حديثه وتقول / وينظر للناس من اعلى كأن لم يولد طبيب ماهر مثله  اه اسمه القاسم ولكنى سوف اسميه  امممم. ابا الغضب 


بيان كانت هربت وانخفضت أسفل الفراش فى دخول القاسم  وعند استدارت مريم كى تنظر الى بيان ولم تجدها رأت القاسم يقف بشموخ وهو يتكئ على الباب وينظر لها  ثم ما ان تلاقت اعينهم حتى أردف 


القاسم :- الله الله تتركين عملك وتتحدثين الى نفسك كالمجزوبه ( المجنونه ) 


مريم وقد تداركت انه لم يستمع لما كانت تقوله / ليس لك شأنا بى لقد أنهيت عملي  وأستريح قليلا ماذا هل انا ماكينة ليس لى حق راحة 


القاسم :- وهل الذى يرتاح يقف ويحدث نفسه فى غرفة مريض 

ونعم انت شأني انا ما دمت تعملين تحت امرتي  وهيا عندنا اجراء عملية اخرى  يا مجنونه 


همس باخر كلمه وهو يخرج ويغلق الباب خلفه لتدب مريم بقدمها الأرض من الغيظ ويصدح صوت ضحكات بيان وهى تردد( أبا الغضب  ) ثم خرجت من أسفل الفراش لتنظر لها مريم 


مريم :- لماذا هربت يا بيان وتركتينى كالمجانين هنا 


بيان وهى لا تستطيع التوقف عن الضحك وتتجه الى الباب / ان ان ابا الغضب يكون أخي  


فتحت مريم فاها باندهاش وقبل ان تتكلم فتح الباب واختفت بيان خلفه وكان القاسم وهو يصيح بغضب (ماذا هل اقدم لكى طلب بختم كى تعملى يا فتاة تعال اتبعيني ) ثم التف وخرج فتبعته مريم وهي تمشي تقلده من الخلف  ، ولكنهم مروا أمام باب به مرايا كبيرة فرأها القاسم وهى تقلده ابتسم داخله ثم استدار فجأة 


القاسم :- هل يوجد شئ ؟


مريم :- عن ماذا تتحدث ؟ 


القاسم: لا شئ فقط أتأكد أنك لست معترضة على العمل معي   


مريم :- انه مجرد عمل ليس إلا 


ابتسم لها ثم أكمل طريقه إلى غرفة العمليات مرة ثانية  ،  بعد انتهاء اليوم عاد كلا منهم إلى بيته  ، دخلت مريم الى السكن وكان الوقت أصبح العاشرة مساءا  ووجدت باقى الفتيات يجلسن فى غرفة الاستقبال 


عنود :- لماذا تأخرت هكذا ، هل هذا الطبيب الوسيم أرهقك بالعمل اليوم أيضا 


مريم :- اقسم بالله  انه يريد موتي ، لا أعلم لماذا دائما غاضبا هكذا 


بلانكا :- أعتقد أنه معجب بك  ولكنه لا يستطيع التعبير 


راغد :- و أنا أيضا أعتقد هذا ، لذلك يضغط عليك بالعمل كى تظلى وقت أكثر معه 


مريم :- اعجاب ماذا الذي تحدثنا عنه انه دائم الصياح والغضب بوجهي  ، هيا  ارجوكم أحدكم يضع لى الطعام ،لا استطع تحريك يدي أم انام دون طعام 


راغد :- أبدلى ملابسك وسوف اضع لكي الطعام لكن لا تعتادي هذا    


أرسلت  مريم قبله لها  من بعيد  ثم دخلت حجرتها  وارتمت على الفراش وغابت فى النوم ولم تشعر حتى بقدوم رغد كى تعطيها الطعام


عند القاسم بعد ان عاد الى منزله  وتناول طعامه التى كانت أعدته صالحة له  جلس فى غرفته يتذكرها عندما رأها تقلده فى المشى فى المرايه ، ابتسم  قائلا لنفسه ( انها حقا جميلة وعنيدة  ومرحة ، وجريئة  وشجاعة أيضا كيف أعبر لها عن ما يدور بعقلى )  أراح جسده على الفراش وظل يفكر بطريقة كي يحدثها 


صباح يوم جديد  

 تحضر الفتيات بعد ان أخذوا الموافقة من دكتور عرفات على الخروج والذهاب الى الاحياء الفقيرة لعلاج من يحتاج دون مقابل مادى كما كانت فكرة مريم ولكن اشترت الدكتور عرفات ذهاب ابنه القاسم وبعد من الأطباء المحليين معهم لمعرفتهم بأكثر ببعض العناد والتسابق فى مساعدة المرضى وكثير من التفاهم الطبي فكان القاسم يحرس على وضع الاختبارات امام  مريم كما كانت هى تنجح باختباراته  وتتغلب عليه فى عملها وشجاعتها مما زاد اعجاب القاسم بها وذات يوم اتفق القاسم مع والده على أخذ الطاقم الطبي الى مخيم جنين وهو أفقر زقاق بالمدينة ( البيوت من القصدير مكونه من حجرتين و سقفها من الألومنيوم ويوجد بيوت من الطوب  ومتجاورة تكاد نكون ملتحمة  ،لا تزيد مساحة البيت عن ثمانون متر  ورغم هذا من الممكن ان يسكن البيت الواحد أكثر من أسرة  ) .

تجهز الفتيات بقيادة مريم وبعض من الأطباء بقيادة القاسم مع معدات بسيطة سهلة النقل وتوجهوا بسيارة نصف نقل خاصة بإحدى العاملين بالمستشفى و خلفهم سيارة إسعاف الى ملجأ جنين، كانت تجلس مريم والبنات داخل سيارة القاسم وخلفهم سيارة إسعاف تنقل الأطباء الذكور ويدير القاسم الراديو مثل عادته على الأخبار المحلية وسط محادثات الفتيات   


العنود :- هل سوف نوزع أنفسنا بالمكان أم نتحرك  سويا 


بلانكا :- اعتقد نفترق افضل حتى ننتهي سريعا 


مريم :-انا مع رأى بلانكا 


رغد :- وانت يا دكتور ماذا رأيك 


القاسم :-انا لا اعطي رأي بل تعليمات سوف ننقسم كل طبيب مع طبيبة  وعند الانتهاء من المخيم نجتمع عند مكان الوصول 


العنود :-ولكن عدد الرجال أكثر من عدد الفتيات  دكتور 


القاسم :-وهذه اول مره بالتاريخ  اذا مع كل طبيبة اثنان من الرجال 


مريم بضحكة :-جيد اثنان بودى جارد 


نظر لها وابتسم ثم أردف :-  ظننت انك  أخبرتني  أمس كونك بمئات الرجال ولا تحتاجين احد منهم 


تقلب مريم عينها وهى تدير وجهها بالاتجاه المعاكس له وهى تقول :- اذا انا سوف اكون   بمفردى لا حاجة لى برجل 


ابتسم القاسم و أجاب :- نعم بالفعل انت سوف تكونى بمفردك ولكن لا تضيعى بالمخيم فسوف نرحل ونتركك 


توقف بالسيارة عند مدخل المخيم وما ان تجمع الأطباء كلا يحمل بعض الادوات الخاصة به حتى وزعهم جميعا ثم أشار الى مريم وقال 


القاسم :-انت لكى سبع بيوت من هذا الاتجاه وعند انتهائك تعودين الى هنا 


مريم :- وانت لما لم تذهب مع عنود وماهر الم تقل طبيبة و رجلان 


القاسم :-حتى تغطى جميع أعداد المنازل سوف اذهب فى الاتجاه المعاكس لكى هيا ابدأي ليس أمامنا وقت طويل 


تحركت مريم و هى تشعر بالغيظ من القاسم فهو تعمد ان يتركها بمفردها ظننا منها انه يريد ان يراها تفشل ولكنه بالعكس كان يحب أن  يراها دائما قوية ولا تستند على أحد وايضا اراد  ان يعلم مدى قوة تحملها للمسؤولية ،كانت مريم و الأطباء يتسابقون  بالحركة بين بيوت الزقاق والكشف على الاهالى و أثناء وجودهم داخل الزقاق ،  استمعوا إلى أصوات طلقات نيران  وما هى إلا لحظات حتى بدأ صوت طلقات أخرى من داخل المخيم  تواجه الطلقات الاولى  وبعد عدة ساعات  تم اعلان بمحاصرة ملجأ جنين من قبل جنود الاحتلال ولكن مقاومة أهل المخيم ودفاعهم عن أرضهم لمدة احدى عشر يوم أسفر عن مقتل العديد وجرح العديد من كلا الطرفين ، وهذا أصاب الاحتلال بالإحباط ولهذا قرروا هدم الحي بأكمله وتم قصف المخيم بالطائرات و الدبابات،

مرت عدة أيام و زاد الحصار خنقا وكثرة الاصابات ورغم تفانى كامل الطاقم الطبي بالعمل كان الوضع مزريا خصوصا مع الحصار وعدم سماح للعربات الاسعاف بالمرور ونفاذ المواد الطبية معهم   ومع اشتداد هجوم قوات الاحتلال ، بدأ الجميع محاولة الفرار من المنازل المتضررة  واللجوء الى مدرسة  للاحتماء بها ،ولكن فى احدى البيوت وقت إخلاء المكان  سمعت مريم صوت بكاء طفلة داخل احدى المنازل ، و بدون تفكير اندفعت مريم وسط النيرات الخارجة من المنزل الصادر منه الصوت تبحث عن الطفل ، وما ان وجدت فتاة لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات  قامت بحملها و محاولة الخروج من حطام المنزل وهى تلتفت يمينا و يسارا  لتجد مخرج ولكنها لمحت قذيفة تقع على منزل بالقرب من المنزل التى هى على بابه فاندفعت والقت بجسدها على الأرض واضعة الطفلة اسفلها وجذبت بيدها الاخرى صفيحة كانت ساقطة من سقف المنزل ووضعتها فوقها ، ومع صوت الانفجار واشتعال النيران بصورة أعلى بدأت هى فقدان وعيها ولكن آخر ما رأت بعينها قطعة من صاروخ مكتوب عليها بالعبرية اهداء من اطفال اسرائيل لأطفال فلسطين . أثناء ذلك حاول القاسم ومن معه اخراج من يستطيعوا من الزقاق و لكن القصف لم يرحم أحد  حتى سيارة الإسعاف التي كان بها أحد الاطباء تم قصفها لم ينجوا من القصف الا اقل القليل ، حاولت الفتيات الهرب ولكن تم أصابتهم و قتلوا هم وباقي طاقم الأطباء داخل البيوت التي كانوا منتشرين بها  أما مريم وهى تحاول مساعدة طفلة على الهرب وقع سقف بيت عليها و أصيبت فى رأسها و  فقدت وعيها  أستطاع القاسم النجاح بإخراج بعض الاهالى رغم إصابته في الساق ثم الخروج من الزقاق و لكنه ظل قريبا من الزقاق حتى انتهى القصف وبعدها عاد مع بعض أهالى المدينة للبحث بين أشلاء  الجثث و البيوت المهدمة عن الأطباء ، لقد  تدمر ملجأ جنين بالكامل امتلأ الزقاق بالجثث حتى أنهم قاموا بجلب الجرافات لحمل الجثث ثم  إلقائها فى مكب النفايات ،رائحة الدم ملأت المدينة وليس فقط الزقاق ، تقدم القاسم الى داخل الزقاق وبدأ يبحث بين الجثث على الطاقم الطبي اقترب اولا من سيارة الإسعاف التي تم قذفها ووجد جثة أحد الأطباء متفحمة تمام ،ابتعد وهو يمسح على وجهه من هول المنظر ،ورغم الألم الذى يصرخ به من ساقه إلا وانه تحامل على نفسه وظل يبحث عن كل الطاقم الذى كان معه وساعده بعض الاهالى التى من خارج الملجأ على حمل جثث الاطباء التى وجدها لإعادتها الى المشفى ،وبقرب احدى المنازل التى شبه مهدمة سمع صوت طفل يبكى اقترب مسرعا وبدأ بجذب الركام من فوق بعض حتى بدأ يتضح له ظهر أحدهم يرتدي بالطو طبى وصوت بكاء الطفل أسفل الجسد وبعد ازالت العديد من القصدير و الألومنيوم اتضح له ان الجسد لفتاة ترتدى حجاب انخفض القاسم وحمل الفتاة ،اما من كان يساعده فحمل الطفلة التى كانت اسفلها وهو يتمتم بالحمد ان الطفله ليس بها الا بعض الجروح والكسور من واقع ثقل جسد الفتاه التى كانت تحميها  وكان وجه الفتاة جزء منه محروق و الجزء الأخر مغطي بالدماء حتى ان لون الحجاب اصبح بلون الدم ، حاول القاسم الأسراع والخروج من الزقاق وهو يحمل جسد الطبيبة و ما ان وصل الى خارج الزقاق قام احد ما بحملها منه و وضعها بإحدى السيارت واجلس القاسم بجوارها والذي فقد الوعى من كثرة الدم الذي  نزيفه ، أسرع سائق السيارة إلى المستشفى  الوحيدة بالمدينة .

بداخل المستشفى يهرول الجميع لمحاولة أسعاف المصابين  ولكن المستلزمات الطبية بالكاد كانت تكفي سابقا  ما بالك في مثل هذه الظروف التي عجز فيها  الأطباء عن تقديم العلاج اللازم وسط صمت العالم و  اسراع الغرب بإخفاء الحدث وارسال اموال الى إسرائيل لإعادة بناء المخيم ولكن هل هذا أعاد الارواح التى هدرة ،هل صمت العرب كان حلا أم هروبا، بعيدا عن التساؤلات يجد عرفات بعض الأهالي يحملون القاسم الى داخل المستشفى،  فأسرع إليه جزعا وبأيدي مرتعشة يحاول إيقاف النزيف  و ينقل له دماء من الاهالى الذين تجمعوا سريعا للتبرع بالدم ما ان سمعوا بمجزرة مخيم جنين  وبعد أن اطمأن عليه،  ذهب حتى يتابع الحالة التي أتت مع ابنه القاسم والتى كانت إحدى الطبيبات اللاتي كن  فى المخيم ومن حروق الوجهه و الجرح الكبير برأس لم يستطع التعرف عليها لهذا اكتفى بتضميد جراحه ومعالجة الحروق و طلب من مجموعة رجال أصدقائه نقل القاسم والطبيبة بعد أن يستقر حالهم إلى منزلة لترك مكان لمصابين آخرين .


مرت الايام وخلالها تم التعرف على جثث الاطباء فقط من بواقى الرداء الطبى على أجسادهم ولكن لم يستطيعوا تفرقة الجثث وتحديد هوياتهم بسبب تشوه الجثث الرهيب ولهذا سجل بعض الجثث انهم الاطباء القادمين مع اخر قافلة كانت قد حضرت قبل القصف وتم أعدت الجثث على متن  طائرات بريطانية الى بريطانيا لتحليلها ومعرفة هويات الجثث من خلال تحاليل DNA مع الاهالى وتم تناسي ملجأ جنين كما تناسى العديد من المجازر ولكن يعيش الألم فقط فى قلوب أهل مدينة جنين . 

اسماء ندا

الفصل التالي

تعليقات