#كانت مجرد مكالمة
#فريد_عبداللي
#الجزء السادس والاخير ..
في المساء التقى سعيد بالوالد عبدالله والفتاة فلم يخبرها بشيء وربما كذب عليهما خوفا من الصدمة.
مرت الايام زاد فيها التوتر والقلق في انتظار دخول الباخرة .كان سعيد ينتظر هاتفا من مكاتب الإبحار كان يمني نفسه لسماع خبر مفرح . رن هاتفه وهو على غفلة فوجدها الموظفة وقالت له بان الباخرة ستدخل مساء الغد، فرح كثيرا لسماع ذلك النبأ . اتصل من فوره على وفاء و والد صديقه واخبرهما بالامر. وفي صباح باكر شد الرحال الي البلاد المجاورة رفقة الوالد عبدالله . وحين الوصول مساءا طال الانتظار لم يكن هناك الا قلة من المسافرين ،اتجها الاثنان الى مكتب الاستعلامات فلم يجدا اسمه على القائمة وعلما من بعد بانها باخرة محملة بالسلع والمعدات. والغريب في الأمر أن بعض الآلات كانت مستوردة باسمه عن طريق عميل آخر كان مكلف بإيصالها الى شركة شاهد. وكل هذا عرفه سعيد من طرف الموظفين في الاستعلامات هناك.
ازداد قلق سعيد و الوالد ولم يكن لديهما علم او فكرة على ما يحصل اتجه سعيد للعميل سائلا اياه عن صاحب الآلات والمعدات . فأجابه انا لست إلا بعميل و مكلف بنقل السلع والالات الى عناوين اصحابها ولا اعلم شيئا على ملاكها .
احتار سعيد لكلامه. ربما كان هذا العميل يخبئ شيئا ما او كان حقا مستأجرا من طرف الشركة ويتعامل معاها ويقوم بتوصيل السلع عبر البواخر من مكان الى مكان اخر. طال الانتظار الى ظلمة الغروب لم يتوقف اتصال وفاء على هاتف سعيد تسال أخبار حبيبها كان صوتها ممزوجا بحزن لا تدري حالها. كان قلبه يتقطع عليه . كان سريع الخفقان من شدة الخوف والفزع .
رجع الوالد والصديق الى البلدة خائبان ومكسورا الخاطر لم يصدقا ما الذي جرى .
في الصباح الباكر التقت وفاء بسعيد وحين راها لم يجد ما يخبرها به الا الانتظار فقط. احتار الجميع في ذلك.
بعد مرور بعض الوقت لم يتوانى سعيد في البحث والاتصال تارة بمصالح الاستعلامات وتارة اخرى بالسكرتيرة التي تشتغل في الشركة اصبح ناسيا كل اشغاله ومصالحه. اما الوالد فلزم بيته من شدة الحسرة يلوم في نفسه بانه هو سبب اختفاء ابنه حين تركه يسافر ويشتغل لوحده. واما الفتاة المسكينة البريئة احست في نفسها بان ما حدث لها سابقا مكتوب عليها وعاشت يتيمة الوالدين ، ومكتوب عليه كذلك اليوم قسوة الحب ومرارة الفراق احست في قلبها بان حبها قد ضاع واملها في الحياة قد خاب .
كانت في غرفتها تتأمل في صورة حبيبها على هاتفها و عيناها ما توقفت من سيل البكاء ،تحدق في صورته وكانه يكلمها. كان ترى وكانه يمسك يدها ويقبلها . تخيلات لا يفعلها الا من احب بقلبه حبا خالصا حب ينبض من قلب لا يعرف الا الصدق والحنان. وباتت على ذلك الحال حتى الصباح.عاودت الاتصال بسعيد والتقت به للنظر في الأمر . رن هاتفها فجأة. سارعت لحقيبة يدها لترى من المتصل و يداها ترتعشان كانت تمني نفسها بان حبيبها ربما اشتاق اليها واتصل. ولكن كان امرا اخر .
سعيد : من كان هذا.
قالت : انه سيدي صاحب المطعم .
سعيد : ما لي اراك مرتبكة .
وفاء. : لا .. لا شيء * كانت مجرد مكالمة * .
انتاب سعيد القلق ولم يستوعب حالتها بعد المكالمة فأصر عليها ان تخبره بالامر. فردت عليه بان صاحب المطعم قد اوقفها عن العمل.
حصري ع موقع المجد للقصص والحكايات
تأسف سعيد لذلك وقال لها لاعليك لدي احساس جميل بان شاهد سيتصل هذه الأيام . فرحت وفاء لكلامه والدموع ملء عيونها وقالت لم أتصور نفسي انني أحببته بهذا القدر ولم اتخيل انني ساعيش بدونه فهو كل حياتي وكل أحلامي في الوجود ، بعد ذلك طمأنها سعيد وتفارقا.
كانت الفتاة في غرفتها مستلقية على سريرها يشفق الحجر الصوان على حالها من شدة البؤس والحزن . فزعت لصوت رنين الهاتف وجرت لترى من يكون فوجدتها زميلتها في العمل تتأسف لها وأخبرتها ما سمعت من صاحب المطعم.
بقيت الفتاة جالسة على حافة السرير ماسكة الوسادة بين ذراعيها . رن الهاتف مرة أخرى لم تعيره اهتماما. كانت تظن في نفسها بانه احد من زملائها في العمل يسأل عنها او يخبرها ما بادر من صاحب المطعم . وقفت لترى من المتصل ولاحظت بانه رقم مجهول وقالت .
وفاء : اهلا من على الهاتف .
قال : انا زبون وأردت أن أتقدم بطلب طبق قد اعجبني سابقا .
قالت : سيدي انا اسفة عليك الاتصال بالمحل فانا لست هناك.
قال : انا احببت ان استلمه من يديك ومعه ابتسامتك الجميلة .
اندهشت وفاء لكلامه واحمر وجهها وقالت من انت سيدي وما تكون فرد عليها . انا الذي عشقت روحك وعشقت وجدانك وعشت على هواك و ذابت احاسيسي ببن رموش عيونك . اشتقت لك حياتي .
سقطت وفاء لم تتمالك نفسها انهيار كلي . تعلثم اللسان عن الكلام لم تنطق بكلمة واحدة كانت صدمة قوية عليها. *ما كانت مجرد مكالمة * كانت مكالمة حقيقية من قلب ذاق طعم الحب على اصوله ومن صدر تنفس العشق بكل اوصافه.
شاهد : حبيبتي . حبيبتي اين انت ما بك .
وفاء. : وهي تبكي ..لا. لا تكلمني، انا أكرهك انا لا أحبك دعني وشأني.
شاهد. : أحقا ما تقولين وبهذه السرعة وهو يضحك.
وفاء : لما تركتني لما لم تتصل بي اهكذا يفعل الحبيب لحبيبته.
شاهد : لو شرحت لك ما كنت تقولين هذا الكلام .اذا سأعود من حيث اتيت ما دمتي تكرهينني .
وفاء : لا حبيبي لا تتركني فانا من دونك وهم ، انت الامل الذي اعيش لاجله وانت كل حياتي .
شاهد : يضحك ويقول هكذا اذا .
انتظرني حبيبتي غدا مساءا في المطار.
فرحت الفتاة المسكينة فرحة لم تذقها من قبل .ارادت الاتصال بصديقه سعيد ولكن هاتفه كان مشغولا عاودت الاتصال به مرارا ولما سنحت الفرصة ورد عليها قال لها مقاطعا كلامها وكان فرحا جدا انا أعلم بان شاهد اتصل بك انت اولا . واعلم ما دار ببنكما وهو يضحك . واخبرني بموعد قدومه. إتفقا الاثنان على الذهاب سويا للمطار ومقابلته مساءا باتت وفاء الليل كله محدقة في سقف غرفتها تمني نفسها باحلى الأحلام مع حبيبها شاهد. لم تفرح في حياتها ابدا وما ساورها هذه الليلة من بهجة وسرور . باتت تعد الدقائق واللحظات . الى طلوع الفجر تهيأت للخروج باكرا للقاء سعيد
كان هذا الاخير ينتظرها كذلك .
شدا الاثنان الرحال إلى المطار فالتفت سعيد اليها قائلا اظن ان الوقت مازال باكرا على وصول الطائرة فردت عليه انا لا احتمل ولا أطيق صبرا ان امكث في البيت اردت ان أسبق الى المطار وانتظر.
لم يكن سعيد يدرك في قلبه مدى حب وفاء لصديقه وانها تعشقه كل هذا العشق .
طال انتظار وفاء وهي جالسة تنظر يمينا ويسارا بين أروقة صالة الانتظار لم تتعب ابدا اما سعيد فكان شبه نائما .
لم يبقى الكثير من الوقت لوصول الطائرة شاهدت وفاء والد حبيبها قادما من بعيد التفتت لسعيد وقالت وما العمل وماذا اقول له ان سألني فرد عليها قولي جئت لأرى واستقبل حبيبي وهو يضحك،سلم الوالد عليهما .
وصلت الطائرة بقي الرجلان والفتاة ينتظرون قدوم الفتى .وبعد لحظات افتتح الباب على مصرعيه وبدا المسافرون بالدخول كانت وفاء ترمق من شخص إلى أخرى تبحث عن حبيبها وأخيرا خرج شاهد من ببن الحشد الغفير محملا بحقيبة في يده وماسكا بيده الأخرى اخاه نصر تفجأ الجميع من المنظر الغير مألوف. وقف الوالد حائرا وفجأة ركض نصر الى ابيه متغلغلا بين الناس ومسرعا اليه ارتمى عليه مقبلا يداه وقدمه في مشهد اثار حيرة وإعجاب كل الحاضرين في الصالة. كان يبكي ويقول اسف ابي اسف جدا .ما كان على الوالد الا ان بكي كذلك ويقول لماذا يا ولدي تركتني وتحاضنا وقتا طويلا . اما سعيد فكان يحضن صديقه شاهد ولم يفلته كان يضمه بكل قوته ويقول لما لم تتصل بنا لقد اتعبتنا واحزنتنا ..
اما وفاء فكانت واقفة على جنب وكانها غير مبالية بما يحدث وكانها لم تأتي لاجله التفت شاهد وقال اذا انت لم تشتاقي إلي فانا مت واموت شوقا لرؤيتك . لم يكن سعيد مصداقا لما قامت به إرتمت في حضنه وهي تبكي وتقول لماذا أطالت الغياب ، لا تتركني مجددا .احتضنها شاهد وقال لا يا حبيبتي فهذه الاخيرة ان شاء الله تفجأ الاب لذلك المنظر ولم يفهم اي شيء لكن سعيد سحبه الى الخارج وحكى له بالعلاقة التي بين ابنه وشريكته في المؤسسة. كان الوالد فرحا جدا بعودة ولديه . خرجت الجماعة من المطار قاصدين البيت تناولوا العشاء مع بعضهم البعض حتى وفاء كانت معهم باعتبارها شريكة الوالد اولا وحبيبة لابنه ثانيا .وبعد سهرة كان مملؤة بالفرح والسرور خرج سعيد ومعه وفاء وعمل على إيصالها لبيتها لم تشأ ان تترك حبيبها او تفارقه للحظة واحدة.وفي الصباح اتصل شاهد بها والتقيا في الشركة .ارادت ان يوضح لها ما سبب اختفائه او طول غيابه .فاخبرها بان أخوه نصر كان مسجونا في بلد أوروبي ولم يستطيع أن يتخلى عنه او يتركه حتى تمكن من اخراجه. وهذا هو الدافع الذي جعله يطيل في الغياب ولم استطيع ان يخبر ابيه بذلك لاني يعلم بان مريض قلب ولا يتحمل هذا الخبر المؤلم. فرحت وفاء بحبيبها وكان الدنيا خلقت لأجلها. ما تخيلت أن يحدث ذلك وما صدقت بانها أمامها . كل شيء وضع في مكانه رجع نصر الى دراسته مشمرا على ساعديه بالاجتهاد والنجاج للحصول على شهادة التخرج اما شاهد فاراد ان يعود إلى عمله في شركة والده كمدير عليها وقام بتكليف احد من الاطارات في شركته الأخرى وعمد الى صديقه سعيد بتولي رئاستها .
وبعد الخروج مساءا اتصل بحبيبته .
والتقى بها وقالت له الى اين نذهب فرد عليها قائلا عندي لك مفاجئة فرحت الفتاة لكلامه وفجأة توقف وطلب منها النزول وقال.
شاهد : انظري الى ذلك البيت اليس جميلا .
قالت : هذا ليس بيتا هذا قصر
قال. : نعم حقا انه قصر وانت أميرته يا حبيبتي فهو بيتنا الجديد.
لم تصدق وفاء ذلك وكانه حلم ، فرحت كثيرا لما سمعت . احست بان الله ابتلاها بأشياء كثيرة ، وفي النهاية أكرمها لصبرها وإخلاصها.
احس شاهد حقا بان وفاء تحبه حبا لا يطاق وعلم كذلك باخلاصها وحبها عن طريق صديقه سعيد لانه حكى له بكل شيء. وفي الاخير تم الزفاف بينهما وعاشا حياة بهيجة وكل العائلة .
اتمنى من اعماق قلبي انني وصلت بقلوبكم الى قمة الاحساس الجميل دمتم في رعاية الله وحفظه.
لا تنسوا اسمي * فريد _ع *
الروايه الجديده