رواية أويكاثوس الفصل الثانى عشر بشري إياد
أويكاثوس الفصل الثاني عشر بشري إياد
أويكاثوس
البارت الثاني عشر
في الممر السري، كان الضوء الخافت من المشاعل يتراقص على الجدران
الحجرية، بينما تقدمت إليانا وإيفان بحذر، كانت أنفاسهما هادئة، لكن التوتر يتصاعد
في الهواء.
إليانا بهمس:
- هذا المكان ليس مجرد قبو.
لمح إيفان الرموز المنحوتة على الجدران، تروي قصصًا عن عهود قديمة، عن
ملوكٍ سقطوا، وممالكٍ انهارت بسبب سرٍ غامض، لكنه توقف عند نقشٍ يلفت الانتباه،
صورة لظلٍ يرتدي وشاحًا أسود، يطوّق جميع العروش.
إيفان بغضب مكبوت:
- روهان هذا الرجل هو مفتاح كل شيء.
ولكن قبل أن يتمكن من قول المزيد، انفتح بابٌ حجريٌ ببطء، وانبعثت منه
رائحة قديمة وكأن شيئًا كان نائمًا لقرون، والآن قد استيقظ.
*** في قاعة العرش، كان الصمت مشحونًا بالتوتر بعد كلمات روهان الأخيرة،
كانت نظرات القادة متوترة، وداريوس أول من كسر الصمت.
داريوس بغضب:
- ماذا تقصد بأن العدو هو نحن؟!
ابتسم روهان ببرود، ثم تقدم بضع خطوات وسط الدهشة:
- كل واحد منكم صنع وحشه الخاص، والآن الوحوش بدأت بالخروج من الظلال.
كانت ليارا تراقبه، عيناها مليئتان بالشك، ولكن قبل أن تتمكن من
سؤاله، اقتحمت الحراس القاعة، وجوههم شاحبة، وكأنهم شاهدوا شبحًا.
أحد الحراس لاهثًا:
- جلالة الملكة هناك اضطراب في المدينة، شعلة سوداء ارتفعت من القبو
القديم!
شعرت ليارا بقلبها يغرق، التفتت إلى روهان، الذي كان يبتسم وكأنه كان
ينتظر هذه اللحظة.
روهان: لقد بدأ العرض.
***
بينما كان الجميع مشغولين، شق فالكر طريقه إلى الممرات الخلفية، حيث
كانت كيرا تنتظره، عيناها تلمعان بتوتر.
كيرا: قل لي أنك لم تأتِ فقط لتنظر إليّ بهذه الطريقة.
فالكر: وجدت شيئًا شيئًا كبيرًا.
ناولها ورقة قديمة، كانت تحتوي على ختم ملكي قديم، ولكن بجانبه نقش
غريب وشاح الظل، اتسعت عينا كيرا وهي تقرأ:
- هذا هذا ليس ممكنًا، هذه الوثيقة تثبت أن روهان لم يكن مجرد مستشار،
بل كان أحد ورثة العرش السريين!
فالكر ببرود:
- والأخطر من ذلك أن لديه حقًا شرعيًا للمطالبة بالحكم.
التوتر كان لا يُطاق، إن صحت هذه الوثيقة، فهذا يعني أن كل شيء كان
مجرد مسرحية وأن العدو لم يكن من خارج الممالك، بل كان يعيش بينهم طوال الوقت.
***
في القبو، وقفت إليانا أمام مدخل غرفة ضخمة، حيث كان هناك ضوء أرجواني
خافت يتراقص وسط الظلام، على الجدران، نقوش قديمة تحذر من فتح البوابة.
إيفان: هذا المكان أشعر وكأننا على وشك عبور خط لا عودة منه.
لكن إليانا لم تكن تسمع، كانت تحدّق في وسط الغرفة، حيث كان هناك
تمثال حجري يمسك بشيء في يده، اقتربت ببطء، وعندما لمسته، شعرت بنبضة كهربائية
تخترق جسدها.
إليانا بصوت مرتجف:
- هذا ليس مجرد تمثال إنه ختم قديم، ختم الظلال!
وفي لحظة، بدأت الجدران تهتز، والهواء أصبح ثقيلاً وكأن المكان استجاب
للمسة إليانا.
إيفان بصراخ:
- إليانا، ابتعدي الآن!
لكن الوقت قد فات، انفجر الضوء الأرجواني، وشيء ما بدأ بالخروج من
الفراغ
***
في قاعة العرش، كانت الفوضى تعم المكان، دخل أحد الجواسيس بسرية،
وانحنى ليارا، هامسًا في أذنها:
- وجدنا المستندات الأصلية، الملك الحقيقي ليس من تظنون
لكن قبل أن يكمل كلماته، دوى انفجار هائل في أرجاء القصر، والجميع رأى
المشهد المروع من النوافذ، بوابة سوداء ارتفعت في السماء، وألسنة اللهب الأرجواني
تتراقص حولها.
وفي وسطها إليانا، تمسك بختم الظلال، وعيناها تتوهجان بلون لا ينتمي
لهذا العالم، نظر روهان إلى المشهد، ثم همس بكلمات جعلت الجميع يرتجف:
- وأخيرًا استيقظ الإرث المنسي.
***
كانت إليانا تسير ببطء داخل القبو، خطواتها حذرة على الأرضية الحجرية
الباردة، كان الضوء القادم من المشاعل يتراقص على الجدران العتيقة، كاشفًا عن نقوش
غامضة تحكي قصصًا قديمة لممالك طواها النسيان.
إيفان وهو يراقب النقوش:
- هذه الرموز ليست مجرد كتابات إنها تحذيرات.
اقتربت إليانا من جدار عليه نقش يمثل مملكة مشتعلة، وأمامه رجل يرتدي
عباءة سوداء، كأن الظلال تنبعث من جسده.
إليانا بهمس:
- هذا هو ختم الظلال.
مدت يدها لتلمس النقش، لكنها توقفت عندما سمعت صوتًا خلفها، استدار
إيفان بسرعة، ساحبًا سيفه.
إيفان: من هناك؟!
ظهر رجل مُلثم من العتمة، صوته عميق وغامض:
- لقد أتيتم متأخرين بدأ العد التنازلي.
وفي لحظة، انفجرت المشاعل حولهم بضوء أرجواني غامض، والجدران بدأت
تهتز، كأن المكان يستجيب لوجودهم.
***
داخل قاعة العرش، كان الجو متوترًا، جلست ليارا على العرش، وعيناها
تلتمعان بغضب، بينما كان الملوك المتحالفون ينظرون إلى روهان الذي وقف أمامهم بثقة
مخيفة.
داريوس بحدة:
- كفى ألغازًا، روهان! أخبرنا الحقيقة فورًا!
رفع روهان يده بإيماءة بطيئة، وابتسم ابتسامة باهتة.
- الحقيقة؟ الحقيقة هي أنكم عشتم في وهم طوال هذه السنين، العدو الذي
تخشونه ليس قادمًا من الخارج بل هو بيننا منذ البداية.
تبادل القادة النظرات، بينما ضربت ليارا يدها على الطاولة بغضب.
ليارا: إن لم تفسر كلماتك الآن، سأعتبرك خائنًا للمملكة!
لكن قبل أن يرد، دخل أحد الحراس بسرعة، ملامحه مرعوبة.
الحارس لاهثًا:
- مولاتي هناك طاقة غامضة تنبعث من القبو القديم! شعلة أرجوانية
ارتفعت إلى السماء!
ساد الصمت لوهلة قبل أن ينفجر المكان بالفوضى.
روهان بهدوء غير طبيعي:
- لقد بدأ كل شيء.
***
في الممرات الخلفية للقصر، تسللت كيرا وفالكر بسرعة، يلاحقهما شعور
قوي بالخطر.
كيرا وهي تفتح لفافة قديمة:
- لا أصدق هذا، هذا المستند يثبت أن روهان ليس مجرد مستشار! إنه أحد
ورثة العرش المنسيين!
نظر فالكر إليها بصدمة، ثم أخذ منها اللفافة، عيناه تتفحصان التفاصيل
بسرعة.
فالكر: إن كان هذا صحيحًا فهو يملك الحق في المطالبة بالحكم!
لكن قبل أن يتمكن من إضافة شيء، سمعا صوت خطوات سريعة تقترب، اختبآ
خلف أحد الأعمدة، ورأيا مجموعة من الجنود يندفعون نحو القاعة الرئيسية.
أحد الجنود: أخبروا الملكة أن الطقس بدأ يتغير، والسماء تحولت إلى لون
أرجواني وكأن الليل يغطي المملكة نهارًا!
كيرا بهمس لفالكر: هذا ليس مجرد انقلاب هذه لعنة قديمة تستيقظ!
***
في القبو، كانت إليانا تقف أمام التمثال الحجري، حيث كان الضوء
الأرجواني يخرج منه وكأنه ينبض بالحياة، كانت تشعر بطاقة غريبة تتسلل إلى جسدها،
كأنها كانت تنتظر هذه اللحظة طوال حياتها دون أن تدرك.
إيفان بتوتر:
- إليانا، لا تلمسيه!
لكنها لم تستطع المقاومة، مدّت يدها ولمست النقش الغامض وفجأة، اهتز
المكان بعنف! بدأت الجدران تتشقق، والأرضية تلمع بوميض أرجواني غامض، بينما صوت
عميق ملأ المكان، وكأنه يأتي من أعماق الزمن نفسه:
- لقد استيقظ الإرث المنسي.
رفع إيفان سيفه، لكن قوة غير مرئية دفعته إلى الخلف، ووجد نفسه عاجزًا
عن الحركة، أما إليانا، فقد انفتحت عيناها على اتساعهما، وظهرت علامات غريبة على
ذراعيها كأنها تحولت إلى جزء من اللعنة نفسها.
إليانا بصوت متردد:
- أنا أشعر بقوة هائلة لكنها ليست لي وحدي.
وفي تلك اللحظة، انفتح بابٌ حجري في نهاية القبو، كاشفًا عن ممر يقود
إلى أعماق أكثر ظلمة حيث كان الظل الحقيقي ينتظر.
في قاعة العرش، كان الجميع يراقب المشهد المرعب الذي ظهر في السماء،
بوابة سوداء ضخمة تحلق فوق المملكة، تنبعث منها شرارات أرجوانية، وكأنها على وشك
ابتلاع العالم.
كانت ليارا تحدق في السماء، يدها ممسكة بمقبض سيفها بشدة، التفتت إلى
روهان، الذي وقف مبتسمًا، وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة منذ سنوات.
ليارا بغضب:
- أخبرني الآن، ماذا يحدث؟!
تقدم روهان خطوة إلى الأمام، ورفع يده مشيرًا إلى البوابة.
روهان: هذه ليست مجرد ظاهرة إنها عودة الماضي، البوابة السوداء هي
مفتاح القوة القديمة، والآن، لا شيء سيمنع الحقيقة من الظهور، وفجأة انطلقت صاعقة
أرجوانية من السماء، وضربت الأرض بقوة، جعلت الجميع يسقطون أرضًا، وعندما هدأ
الغبار كانت إليانا واقفة في وسط الساحة، عيناها تتوهجان، وعلى يدها نقش ختم
الظلال.
إليانا بصوت غير بشري:
- لقد عدت.
ساد الصمت القاتل، قبل أن يهمس روهان بكلماته الأخيرة: - وأخيرًا بدأ كل شيء.
وقفت إليانا في وسط الساحة، يديها ترتجفان وهي تشعر بالقوة الغامضة
تتدفق داخلها، وكأنها لم تعد تسيطر على جسدها بالكامل، كانت العيون متجهة نحوها،
بعضها بدهشة، والبعض الآخر برعب، لكن الوحيد الذي لم يبدُ عليه أي انفعال كان
روهان.
روهان بصوت هادئ وكأنه كان يتوقع هذا المشهد منذ زمن:
- لقد استيقظ الختم وهذا يعني أن الأوان قد حان.
تقدمت ليارا خطوة، قبضتها مشدودة على مقبض سيفها، ملامحها ممتزجة
بالغضب والقلق.
ليارا بحزم:
- روهان، إن كنت تعلم شيئًا، فعليك التحدث الآن!
ابتسم روهان بخفة، ثم أشار نحو السماء، حيث كانت البوابة الأرجوانية
تتمدد، وأصبحت وكأنها صدع ضخم يبتلع النور شيئًا فشيئًا.
روهان: هذه البوابة لم تُفتح عبثًا، ولم يكن ذلك من صنعنا بل هي نتيجة
خطأ ارتُكب منذ قرون، الظل الذي تم أزالته في الماضي يعود الآن لاسترداد حقه.
اقترب إيفان من إليانا بحذر، لكن عندما رفع يده ليلمس كتفها، انتفضت
فجأة وكأن صاعقة مرت بجسدها، قبل أن تتراجع بضع خطوات، وهي تضع يديها على رأسها
وكأنها تحاول مقاومة شيء داخلي.
إيفان بقلق:
- إليانا! عليك أن تتحكمي في نفسك!
لكنها لم ترد بل رفعت عينيها البراقتين، ونظرت نحو البوابة المشتعلة
في السماء، ثم همست بصوت غريب:
- إنه قادم
وفجأة دوى انفجار هائل، وانطلقت موجة طاقة سوداء من البوابة، اجتاحت
المكان وسقط الجميع أرضًا بفعل قوتها العنيفة.
***
بينما كان الجميع يحاولون النهوض بعد الانفجار، ظهر في السماء شيء لم
يكن متوقعًا مدينة كاملة بدأت تخرج من داخل البوابة السوداء، كانت قلعة ضخمة،
مغطاة بضوء أرجواني قاتم، وتحيط بها أبراج تبدو وكأنها بنيت من الظلال نفسها، انتشر
الضباب الأسود حولها، وكأنها مدينة ميتة عادت للحياة، نظر الملوك المتحالفون إلى
المشهد بذهول، بينما همست كيرا بدهشة:
- هذا مستحيل تلك المملكة اختفت منذ قرون!
فالكر بصوت منخفض:
- لكنها الآن تعود ومعها أشباح الماضي.
وسط هذا المشهد، بدأت أصوات خافتة تتردد في الهواء، وكأنها همسات
قادمة من العصور القديمة، تحذرهم من شيء مجهول.
ليارا وهي تضع يدها على سيفها بقوة:
- يجب أن نوقف هذا الجنون وإلا فلن يكون هناك مستقبل لأحد!
لكن قبل أن تتحرك، انطلقت صيحة قوية من داخل القلعة السوداء صيحة جعلت
السماء ترتجف، وفجأة، انفتح باب القلعة، وخرج منه جيش بأكمله جيش من المقاتلين
المغطين بالظلال، في المقدمة، ظهر رجل طويل القامة، عيونه سوداء بالكامل، وملامحه
تشبه مزيجًا من البشر والشياطين، رفع يده نحو السماء، وبدأت البوابة تتمدد أكثر،
وكأنها تبتلع العالم كله.
الرجل المظلم: لقد عدنا وحان وقت الانتقام!
وقف الجميع في أماكنهم، أعينهم معلقة بهذا المشهد المرعب، بينما كان
روهان يبتسم بخفة وكأنه كان ينتظر هذا اليوم منذ زمن طويل.