أخر الاخبار

قصة أنفصام متمرد الفصل الرابع حنين محمود رشدى

 قصة أنفصام متمرد الفصل الرابع حنين محمود رشدى

قصة أنفصام متمرد الفصل الرابع حنين محمود رشدى

قصة أنفصام متمرد حنين محمود رشدى 

قصة أنفصام متمرد الفصل الرابع

أنفصام متمرد

البارت الرابع
كل حاجة بتحصل حوالينا ليها صوت، حتى الصمت بيصرخ أوقات، لكن في مصحة "الندى" الصمت ليه نَفَس، وبيتنفس حوالين رقبتك وكأنك فريسة، فرح كانت لسه قاعدة على السرير ماسكة الصورة اللي جت في الظرف، كانت بتعدي صباعها على الظل وكأنها بتحاول تلمسه أو يمكن تتأكد إنه حقيقي بس السؤال اللي كاتم على نفس عقلها:
-"هو سيف فعلاً مصاب بانفصام؟ ولا في حاجة أعمق وأغمق؟"
دخل عليها الدكتور حسام (رئيس القسم) وقال بنبرة جافة:
-دكتورة فرح لازم نوقف الجلسات الخاصة، الوضع بيزيد خطورة.
-أنا أقربله أكتر من أي حد، لو حد يقدر يفهمه، فده أنا.
-ده مش فهم، ده تعلق، وانتِ مش جاية تعالجيه، انتِ جاية تنقذيه ودي مصيبة.
-أنا مش بنقذه، أنا 
سكتت، مش عارفة تكمل، لأنها فعلاً مش عارفة هي بتعمل كده ليه.
★★
بالليل جو المصحة كان متقلب، كل مريض في حاله، كل غرفة وراها قصة مرعبة، لكن زنزانة سيف كانت ساكتة زيادة عن اللازم، فرح مقدرتش تستحمل، خدت المفتاح ونزلت بنفسها، الممر كان مطفي بس نور خافت بيطلع من تحت باب زنزانته، فتحت الباب ولقته قاعد على الأرض، ظهره ليها، بيكتب بكعب صباعه على الحيطة، قربت منه ببطء وبصت على الكتابة:
-"أنا مش لوحدي."
همست: سيف؟
رد وهو لسه ضهره ليها:
-مش سيف هو اللي جوه دلوقتي.
-شادي؟
-لا، ده التالت.
نبرة صوته اتغيرت بقت أخشن، باردة ومفيهاش أي مشاعر:
-فرح انتِ فاكرة إنك بتعالجي؟ انتِ اللي محتاجة علاج، فاكرة نفسك قوية؟ بس انتِ أضعف من إنك تبصي في وش حقيقتك.
-إنت عارف إيه عني؟!
-عارف إنك بتعيطي بالليل من غير صوت، وبتكتبي في دفترك كل اللي نفسك تقوليه للي سابك وهرب، عارف إنك بتحبي سيف بس بتخافي تعترفي لأن جواك صوت بيقول: لو حبتيه هيموتك.
فرح وقعت على ركبها، همست بصوت مبحوح:
-أنا مش بخاف منك.
-كذابة! ..صرخ الكلمة بصوت رجّ الممر.
ووشه اتقلب بقى ملامحه مش واضحة، كأنه شخصين في وش واحد، في لحظة رجع وشه لسيف العادي، وعيونه دموع، همس بصوت مهزوز:
-طلّعيني من هنا يا فرح قبل ما يسيطر.
-هو مين؟
-أنا معرفوش بس هو أقوى من شادي، أقوى مني وبيكرهك.
فرح سابته وخرجت، قلبها كان بيدق كأنه بيتخانق جوا صدرها، رجعت أوضتها بس لقت الباب مفتوح، والمفاجأة؟
الدُرج اللي بتخبي فيه دفتر مذكراتها متفتح، والدفتر مش موجود، وعلى السرير كان في وردة سودة وورقة مكتوب فيها:
-"أنا قريت كل اللي بتحاولي تنسيه، وأنا دلوقتي جواكي."
★★
في اليوم اللي بعده حصلت حالة طعن لأحد المرضى، والممرضة الوحيدة اللي كانت في الدور قالت:
-أنا كنت شايفة سيف في زنزانته مخرجش!
بس بصماته كانت على السلاح، فرح راحت تبص في ملفه القديم يمكن تلاقي حاجة تنقذ الموقف بس لقت مفاجأة، الملف اتعدل، تاريخ دخول المصحة اتمسح، وسيف بقى اسمه "شادي سليم" راحت تدور على حسام بس الدكتور اختفى وآخر رسالة جت لها منه على التليفون كانت من رقم مجهول:
-"ابعدي يا فرح، انتِ مش فاهمة هو مين."
★★
وفي آخر الليل فرح حلمت، كانت في جنازة ماشية وسط ناس وشوشها مغطيه، لما وصلت للنهاية لقت سيف واقف لابس بدلة سودا وبيبتسم، قال لها:
-أنا مت بس انتِ اللي دفنتيني بإيدك.
-أنا؟!
-كل مرة كنتِ بتسيبيني، كل مرة خفتِ مني، كل مرة مرضتيش تصدقي إني تعبان، مش مجنون.
قرب منها، حط إيده على قلبها، وقال:
-دلوقتي أنا هنا، وفي المرة الجاية مش هبقى لوحدي.
صحيت فرح وشها كله عرق، وجسمها بيرتعش، وبصت في المراية اللي قصادها لقيت انعكاس مش انعكاسها، سيف كان وراها بس لما لفّت مفيش حد.
تفتكري فرح بدأت تشوف الوهم؟ ولا فعلاً سيف دخل عقلها؟ ولا يمكن هي اللي فيها حاجة من الأول؟

تعليقات