رواية أرض الظلام الفصل الخامس هويدا عصام بدوى
أرض الظلام الفصل الخامس هويدا عصام
أرض الظلام
الفصل الخامس: أسرار من الماضيالجزء الأول: الاندفاع نحو المجهول
بعد أن اجتازا البوابة، وجد راشد وعلياء نفسيهما في مكان جديد تمامًا. كان العالم من حولهما يختلف تمامًا عن أي شيء شاهدا من قبل. كانت السماء ملونة باللون البنفسجي الداكن، والأرض كانت مغطاة بسجادة من الأعشاب الذهبية المتلألئة. كانت الأشجار هنا ضخمة للغاية، مع جذور تمتد لآلاف الأمتار تحت سطح الأرض، وأفرعها تتشابك بطريقة مدهشة، كما لو أنها تشكل شبكة من العوالم المتوازية.
"ماذا حدث لنا؟" قالت علياء، وهي تمشي بحذر وسط هذا المكان الغريب، وكل خطوة منها تترك وراءها أثرًا خافتًا، كما لو أن الأرض تتنفس معها.
"لقد عبرنا إلى البُعد الثالث." قال راشد، وهو يتطلع إلى الأفق حيث تلوح قمة جبلية ضخمة. "هذا هو العالم الذي يقع بين العوالم. مكان لا يستطيع أحد الوصول إليه إلا من خلال البوابات."
"هل هناك المزيد من هذه العوالم؟" سألته علياء، بينما كانت تحاول فهم حقيقة هذا المكان.
"نعم، ولكن هذا هو الأخطر." أجاب، وهو يلتفت إليها بنظرة مليئة بالقلق. "هنا توجد أسرار قد تغير كل شيء عن حياتنا."
بينما كانا يسيران، بدأت أشكال من الضوء تظهر أمامهم، تتحرك بسرعة، وتختفي في نفس اللحظة. كانت الأضواء لا تشبه أي شيء رأته علياء من قبل، وكأنها تجسد أفكارًا أو ذكريات عابرة، تُستدعى لتُشاهد ثم تُمحى.
"هل رأيتِ ذلك؟" قالت علياء، عينيها تتابع الأضواء التي تظهر وتختفي.
"نعم. هذه هي آثار الذاكرة." قال راشد، وهو يحاول أن يُبقي عينيه على الطريق. "هذه الأماكن مليئة بالذكريات القديمة. إنها جزء من القوى التي تتحكم في هذا العالم."
الجزء الثاني: الحقيقة المخبأة
مع مرور الوقت، بدأ الجو يصبح أكثر كثافة. بدأت علياء تشعر بشيء غريب في قلبها. كان هناك إحساس بالثقل يسيطر على صدرها، كأن هناك شيئًا ما داخلها يحاول الوصول إلى السطح.
"ما الذي يحدث لي؟" قالت علياء، وهي تمسك بصدرها، تشعر بشيء غير قابل للتفسير. "لماذا أشعر بهذه الطريقة؟"
"إنه التأثير الذي يتركه هذا المكان على العقول." قال راشد، وهو يتوقف وينظر إليها بحذر. "الطاقة هنا قوية جدًا، وهي تثير الذكريات والمشاعر المكبوتة. ولكنكِ ربما تشعرين بشيء أكثر... هذا يتعلق بما أنتِ عليه."
"ما أنا عليه؟" قالت علياء، وهي تحاول فهم ما يقصده. كانت تلك الكلمات كالحُلم، حيث شعرت بشيء عميق داخل قلبها، شيء قد يكون قديمًا للغاية.
"أنتِ لستِ مجرد شخص عادي." قال راشد، وهو يلتفت إليها بجدية. "أنتِ جزء من هذا العالم، لكنكِ لا تعرفين بعد ما يعنيه ذلك. وأنتِ الوحيدة القادرة على كشف السر الذي يحيط بك."
توقف راشد أمام شجرة ضخمة، على جذعها كانت هناك نقوش غريبة تتنقل وتتغير مع الوقت، كما لو أنها تتنفس.
"هذه النقوش تروي قصة قديمة." قال راشد، وهو يلمس الشجرة بلطف. "إذا كان لديكِ القدرة على فهمها، قد تجدين إجابة على كل الأسئلة التي تدور في رأسك."
علياء اقتربت بحذر، وعينيها تتابع النقوش التي تضيء شيئًا فشيئًا. كانت هناك صور غامضة تظهر وتختفي، مشاهد من الماضي البعيد تظهر على الجذع، وكأنها تُستعرض أمامها.
وفي لحظة، شعرت بشيء غريب في داخلها. كانت الرسوم تتحرك بطريقة غير منطقية، وأشعرت بشيء عميق يربطها بهذه الرسومات. كانت تمثل ملامح وجهٍ تشبه وجهها، لكن في الزمن البعيد.
"ماذا... هذا؟" همست علياء، عينيها تكاد تدمع.
"هذا هو سركِ، علياء." قال راشد، بصوت خافت، مليء بالحزن. "أنتِ في قلب هذه القصة. هذه النقوش تروي تاريخكِ، تاريخ من كان قبلكِ. وهناك سرٌ قديم حولكِ، لا يستطيع أحد أن يكتشفه إلا إذا كنتِ مستعدة."
الجزء الثالث: ماضي غامض
بينما كانت علياء تراقب النقوش التي تعرض المزيد من الصور الغامضة، شعرت بموجة من الذكريات تعود إلى ذهنها. لم تكن هذه الذكريات من حياتها، بل كانت صورًا لأحداث غريبة، لأماكن لم ترها قط، ولأشخاص لم تلتق بهم أبدًا.
فجأة، عادت تلك اللحظة التي كانت تشعر فيها بشيء غريب في قلبها، تلك اللحظة التي شعرت فيها بأن شيء ما كان يراقبها. كانت تلك الذكريات تتكشف أمامها، لتروي لها قصة قديمة عن حربٍ عظيمة بين القوى المظلمة والنور.
"هذه هي الذاكرة الحقيقية." قال راشد، وهو ينظر إليها بنظرة مليئة بالتفهم. "أنتِ جزء من هذا الصراع القديم. ولدتِ لتكوني جزءًا من النور، ولكن أيضًا لتكوني جزءًا من الظلام."
"ما الذي تعنيه؟" سألته علياء، صوتها يرتجف من كثرة الأسئلة التي تشغل عقلها.
"هناك قوة في داخلكِ، قوة قديمة جدًا، قوة يمكنها إما إنقاذ هذا العالم أو تدميره. لقد كانت نائمة في داخلكِ لوقت طويل، ولكن الآن بدأت تستيقظ." قال راشد، وهو ينظر بعيدًا إلى الأفق، وكأن الذكريات بدأت تلاحقه هو أيضًا.
"أنا... أنا ماذا؟" قالت علياء، وهي تشعر بصدمة كبيرة. كانت الكلمات ن على لسانها، ولكن عقليها كان يغرق في بحر من التساؤلات.
"أنتِ... الحاملة للطاقة القديمة." قال راشد، وقد بدأ وجهه يظهر عليه التوتر. "لقد ولدتِ لتكوني الجسر بين النور والظلام، ولتتمكني من فتح البوابات المغلقة. ولكن يجب عليكِ أن تعرفي الحقيقة."
الجزء الرابع: القرار الحاسم
بقيت علياء صامتة للحظة، بينما كانت تدور في ذهنها أفكار كثيرة. كانت الآن في قلب مغامرة لم تكن تتوقعها، وكانت حياتها على وشك أن تتغير للأبد.
"ما هو القرار الذي عليّ اتخاذه؟" همست في نفسها، عينيها تلتقيان مع راشد.
"القرار الذي سيتحدد مصير هذا العالم." قال راشد، وهو ينظر إليها مباشرة في عينيها. "لقد بدأ الصراع بين النور والظلام. وإن لم تختاري الطريق الصحيح، سيضيع كل شيء."
في تلك اللحظة، شعرت علياء بأن كل شيء يتجمع في قلبها. كانت تملك القدرة على تغيير مجرى الأحداث، ولكن هل كانت مستعدة لتلك المسؤولية؟ وهل ستتمكن من مواجهة ما هو قادم؟