رواية أرض الظلام الفصل الرابع هويدا عصام بدوى
أرض الظلام الفصل الرابع هويدا عصام
أرض الظلام
الفصل الرابع: قلب الظلام
الجزء الأول: التحول المظلم
بينما كان راشد وعلياء يقفان في وسط هذا العالم المظلم، بدأت أجواء المكان تتغير تدريجيًا. كان الظلام يحيط بهما من جميع الاتجاهات، والسماء التي كانت مليئة بالنجوم اللامعة بدأت تتغير، لتصبح أكثر كثافة، وكأن النجوم نفسها كانت تختفي شيئًا فشيئًا.
"ماذا يحدث؟" همست علياء، وهي تشعر بشيء غريب يتسلل إلى قلبها. كان الظلام في هذا المكان عميقًا، لدرجة أنه جعلها تشعر بالعزلة التامة. كانت الأضواء الوحيدة هي تلك التي تنبعث من معطف راشد، الذي كان يتوهج بشكل خافت.
"إنه اختبار آخر." قال راشد بصوت هادئ، ولكن لم يكن في عينيه أي شعاع من الطمأنينة. "كلما اقتربنا من قلب هذا العالم، كلما ازدادت التحديات صعوبة."
"قلب هذا العالم؟" سألته علياء، وهي ترفع حاجبيها بدهشة.
"نعم." أجاب، وهو يبدأ في التحرك ببطء، محاولًا البحث عن شيء بين الظلال. "هذا المكان ليس مجرد بُعد آخر، إنه مركز القوة في هذا العالم. كل شيء هنا مرتبط بالقوى القديمة التي تمنح هذا المكان وجوده."
بينما كانا يسيران، بدأت الأرض تحت أقدامهم تتغير. كان الهواء يصبح أكثر كثافة، وكأنهم يخوضون في غموض لا يستطيعون الفكاك منه. كان الظلام يعم المكان، ولكن في تلك اللحظة، شعرت علياء بشيء غريب. لم تكن متأكدة إن كان ذلك شعورًا حقيقيًا أم مجرد هواجس، لكنها كانت تشعر بأن هناك شيء يراقبها.
"هل تشعرين بذلك؟" سألها راشد، وهو يتوقف فجأة ويستدير نحوها. كانت عينيه مليئتين بالحذر.
"نعم... شيء غريب." قالت علياء، وهي تنظر إلى الظلام من حولها. "كما لو أن هناك شيئًا يقترب منا."
"إنه أكثر من مجرد شعور." قال راشد بصوت منخفض، وكأن حديثه كان يحمل تحذيرًا. "إنه ما يسميه البعض "قوى الظلام". هذا المكان مليء بالأسرار التي قد تكون أخطر مما نتصور."
الجزء الثاني: النور في الظلام
بينما كانت علياء تستوعب كلامه، بدأت الأشجار التي كانت تمتد حولهم تتحرك. كانت تتحرك بشكل غير طبيعي، وكأنها حية. كلما مروا بالقرب من واحدة، بدأت الأوراق تتفتح وتغلق كما لو أنها تتنفس. كانت الأصوات التي تأتي من هذا المكان تشبه الأنين الخفيف، كما لو أن الطبيعة نفسها كانت تعاني.
"ماذا يحدث هنا؟" قالت علياء، وهي تقترب من إحدى الأشجار ببطء. كان المكان يبدو ككابوس حي.
"هذا هو ما يخشاه الجميع في هذا العالم." قال راشد، وهو ينظر بحذر إلى الأشجار. "القوى هنا تتغير باستمرار. لا يوجد شيء ثابت. يجب أن نكون حذرين."
فجأة، اهتزت الأرض تحت أقدامهم، وظهرت أمامهم سحابة ضخمة من الظلام، تنبثق منها طاقة غير مرئية. كانت مثل دوامة سوداء، يتساقط منها الضوء الأحمر الداكن.
"ما هذا؟" سألته علياء، وعينيها تتسعان بدهشة.
"هذا هو الظلام الحقيقي." قال راشد بنبرة جادة. "إنه مصدر القوة، لكنه أيضًا مصدر الخطر. يمكننا إما أن نستخدمه أو ندمرنا." لكن قبل أن تتمكن علياء من الرد، بدأت السحابة تتحرك نحوهم بسرعة. كان الظلام يتسارع نحوهم وكأن له وعيًا، وبدأت الرياح تعصف بالمكان.
"ركضي!" قال راشد بصوت حاسم، وهو يمسك بيد علياء ويسحبها بسرعة. "نحن بحاجة إلى الخروج من هنا!"
بدأا يركضان عبر الأرض المظلمة، لكن الظلام كان يلاحقهم. كان يلتهم كل شيء في طريقه، ويبدو أن كل خطوة نحو الهروب تزداد صعوبة.
علياء، وقد بدأت تشعر بالاختناق بسبب كثافة الهواء حولها، حاولت جاهدة التركيز على الخطوات التي تقطعها. كان الظلام يزداد، وأصبحت أصوات الطبيعة حولهم أكثر صخبًا. كانت تشعر أن الخطر يقترب منها، كما لو أن شيئًا ما يوشك على الانقضاض عليها.
"أنا لا أستطيع..." قالت علياء، وهي تبذل جهدًا أكبر للركض، ولكنها شعرت وكأن الأرض تحت قدميها تبتلعها شيئًا فشيئًا.
"علياء!" صرخ راشد وهو يسحبها بقوة أكبر. "لا تتوقفي! هذا هو الاختبار! لا تسمحي له أن يسيطر عليكِ!"
بينما كانوا يركضون، بدأت السحابة السوداء تقترب منهما أكثر، وكأنها لن تترك لهما مجالًا للفرار. كان الظلام الآن يحيط بهما بالكامل، وبدأت ألوان العالم تتلاشى، ليصبح كل شيء أبيض وأسود. كان صدى أصوات الرياح يعصف بأذني علياء، وبدأ قلبها ينبض بشكل أسرع، حتى كادت أن تنهار.
ولكن في اللحظة التي شعرت فيها بأنها ستسقط، حدث شيء غريب. بدأ الضوء يتسلل من داخلها، كأن قوة غير مرئية بدأت تنبعث من أعماق قلبها. وفجأة، انفتحت أمامها بوابة ضخمة من النور، كانت تتسع تدريجيًا، وكأنها تدعوها للعبور.
"ماذا يحدث؟" همست علياء في دهشة.
"الآن، يجب عليكِ الاختيار." قال راشد، وهو يراقب البوابة عن كثب. "إما أن تبقي في هذا العالم المظلم، أو تعبري إلى النور. ولكن حذارِ، لأن هذا النور يحمل قوة قد لا تتخيلينها."
الجزء الثالث: لحظة القرار
بينما كانت علياء تراقب البوابة التي تتسع أكثر فأكثر، شعرت أن قلبها يزداد قلقًا. كان أمامها خيار واحد: "إما أن تقف في الظلام، أو أن تغامر وتخطو نحو المجهول."
وبينما كانت تتابع تفكيرها، بدأت الأضواء داخل قلبها تزداد قوة. كانت تشعر بشيء غير طبيعي ينبعث منها، وكأنها قد أصبحت جزءًا من هذا العالم.
"أنا مستعدة." همست لنفسها، قبل أن تلتفت إلى راشد. "لن أسمح للظلام بالتحكم في مصيري."
أخذت خطوة واحدة نحو البوابة، وتبعها راشد. في اللحظة التي عبرا فيها، غمرهما النور، واهتزت الأرض من تحتهما مرة أخرى، وكأن البوابة كانت تحملهما إلى عالم آخر، عالم مختلف تمامًا عن ذلك الذي تركاه خلفهما.