رواية أرض الظلام الفصل الخامس عشر هويدا عصام بدوى
أرض الظلام الفصل الخامس عشر هويدا عصام
أرض الظلام
الفصل الخامس عشر: الضوء الذي يحترق
الجزء الأول: النور القاتل
كان الضوء الذي انبثق من البلورة في يد علياء يشع قوة لم يسبق لهم الشعور بها من قبل. ومع ذلك، سرعان ما شعروا جميعًا بأن هذا النور لا يجلب السلام الذي كانوا يأملون فيه. كان هناك شيء غير طبيعي في هذا الضوء، وكأنه يحمل معه عبئًا ثقيلًا لا يمكن تحمله بسهولة. كل خطوة كانوا يخطونها تحت هذا الضوء كانت تأخذهم إلى مكان أكثر ظلمة.
"ما هذا؟" همس ميلاك وهو ينظر حوله، عينيه متسعتين من الدهشة والخوف.
آثار النور كانت واضحة في السماء، لكن شيئًا غريبًا بدأ يحدث. المكان من حولهم تحول تدريجيًا إلى نوع من الفراغ، كما لو أن كل شيء بدأ ينزلق إلى ما لا نهاية. الجبال بدأت تتآكل، والسماء تتحطم إلى قطع صغيرة، وكأنهم في عالم يهتز تحت ضغط لا يمكنهم تحمله.
قالت سيرين بصوت متقطع:
-"أعتقد أن ما فعلناه كان خطأ... هذا ليس ما أردناه."
كانت أنفاسها تتسارع، وعينيها تبحثان في كل زاوية، محاولة الهروب من هذا الشعور العميق بالذنب الذي بدأ يتسلل إلى قلبها.
-"ماذا فعلنا؟"
لكن إليان، الذي كان دائمًا هادئًا، صمت للحظة قبل أن يجيب:
-"الاختيار لا يعود بعد الآن. هذا هو الثمن."
الجزء الثاني: العواقب المرعبة
بدأت الأرض تحت أقدامهم تهتز، وأصوات غريبة كانت تتردد في آذانهم، وكأن أصوات العالم نفسه كانت تتناثر حولهم. وفي تلك اللحظة، ظهرت كائنات ضبابية، لكنها لم تكن مثل تلك التي قابلوها سابقًا. هذه الكائنات كانت مظلمة تمامًا، كأنها تجسد الخوف نفسه، وهي تتحرك بحركات غير بشرية.
"هم!" صرخ راشد، وهو يحاول إبعادهم عن الطريق. "هم من تسببت في هذا! هؤلاء هم من سيأخذوننا إلى النهاية."
كان يركض بسرعة، لكنه شعر بشيء غريب في قلبه، وكأن هذا الصراع لم يكن مجرد صراع مع الكائنات، بل كان صراعًا مع شيء أكبر، مع اختياره، مع قدره الذي لا يستطيع الهروب منه.
اقتربت إحدى الكائنات الضبابية من علياء، وحينما نظرت في عينيها، شعرت وكأن روحها قد تمزقت. لم تكن تلك الكائنات مجرد مخلوقات، بل كانت تجسيدًا لكل ما تخشى، لكل ما حاولت الهروب منه في حياتها. كانت تلك الكائنات تحمل بداخلها تاريخًا مظلمًا من أبعاد أخرى.
قالت علياء بصوت متلعثم:
-"ماذا تريدون؟"
أجاب الكائن ببرود:
-"أنتِ من اخترت النور. ولكن النور، يا علياء، ليس هو السبيل الوحيد. إن اختياراتك كانت مغرية، ولكنها ستأخذك إلى الهاوية."
الجزء الثالث: تحمل العواقب
بدأت الأمور تسوء بسرعة. كانت الأبعاد تتداخل أكثر فأكثر، وكان الظلام يلتهم كل شيء. لم تعد الأرض ثابتة تحت أقدامهم، كانت تتحول إلى أشلاء من فراغ موحش.
"الضوء الذي اخترته لا يمكن أن ينقذك الآن." قال آزار، وهو يراقب المشهد بهدوء، لكنه كان يحمل في صوته نبرة من الحزن. "لقد اخترت النور، لكنك لم تفهمي معنى هذا الاختيار. النور لا يأتي دون تضحيات. الآن ستدفعون الثمن."
تحولت ملامح علياء إلى شبح من الألم والندم"أنا... أنا لم أكن أعرف... لم أفهم."
لكن آزار، الذي كان يحاول دائمًا أن يكون حكيمًا، رد قائلاً: "لكل شيء ثمن، يا علياء. نحن نعيش في عالم معقد. النور ليس نقيًا كما تتخيلين. إذا كنت تريدين أن تنقذي هذا العالم، عليكِ أن تدركي أن النور الذي اخترته ليس هو الحل. هناك ثمن آخر يجب أن تدفعيه."
الجزء الرابع: الموت الذي يلاحقهم
كما لو أن كلمات آزار كانت جسرًا إلى الجحيم، بدأ الموت يقترب منهم بسرعة. كان الظلام يلتهم كل شيء من حولهم، ومع كل خطوة كانوا يخطونها، كان هذا الفراغ يتسع. وكانوا جميعًا يشعرون بثقل الاختيار الذي وقعوا فيه.
بينما كان إليان يحاول حشد قوتهم في هذا الظلام، قال بصوت غاضب:
-"لن نستسلم! نحن أبطال هذا العالم، ولن نسمح للموت بأن يبتلعنا الآن!"
لكن رغم شجاعته، كان هناك شيء في عينيه يراهن على الحقيقة المؤلمة. كانت النهاية تلوح في الأفق. كان يدرك أن الصراع الذي خاضوه كان أكبر من قدرتهم على فهمه.
كانت سيرين تبكي بصمت، لكنها لم تجد طريقة للهروب من هذا القدر:
-"هل هذا هو مصيرنا؟ هل كان كل شيء عبثًا؟"
رد آزار وهو يراقب الأبعاد تتدمر حولهم:
-"ليس عبثًا، ولكنه كان اختبارًا. أنتم اخترتم، ولا أحد يمكنه العودة الآن. لكن الاختيار يجب أن يتم دفع ثمنه."
الجزء الخامس: التضحية الكبرى
في تلك اللحظة، شعرت علياء بشيء عميق داخلها، شيء كان يضغط عليها. كانت البلورة التي كانت تحملها في يدها تتوهج بشدة، وكأنها تحمل سرًا مظلمًا. لم تعد ترى النور، بل كان الضوء الذي ينبعث منها يحترق بشدة. كل شيء حولها كان ينهار.
وفي لحظة لا يمكن وصفها، أدركت علياء أنها كانت ستضحي بكل شيء. "يجب أن أتوقف عن الهروب..." همست لنفسها. كانت تدرك أن النور لم يكن هو الحل، وأن كل اختياراتها كانت تأخذها إلى النهاية.
"لن أنقذ أحدًا إلا إذا دفعت الثمن" قالت علياء بصوت عميق، بينما رفعت البلورة إلى السماء. "أنا مستعدة لهذا.
وفي تلك اللحظة، كان الظلام قد بدأ يبتلعهم بالكامل. لكنها، وفي فعل غير متوقع، أطلقت شعاعًا عميقًا من البلورة، شعاعًا ملتهبًا لا يمكن تفسيره.
ومع هذا الفعل، حدثت الكارثة. خرج ضوء هائل اجتاح الظلام، ولكنه جلب معه موجات من الألم والموت.
كان الاختيار النهائي: هل ستضحي بكل شيء لإنقاذ من تحبهم؟ أم ستختار النجاة على حساب العالم بأسره؟