أخر الاخبار

حب جهنمي كامله بقلم احمد محمد شرقاوي

حب جهنمي كامله بقلم احمد محمد شرقاوي 

حب جهنمي كامله 

بقلم احمد محمد شرقاوي 

حب جهنمي كامله بقلم احمد محمد شرقاوي

حب جهنمي كامله بقلم احمد محمد شرقاوي 

 بعد ما دفنت مراتي بتلت أيام حسيت بشوق غريب أوي ناحيتها, وكأني دفنت روحي نفسها في القبر مش مراتي وبس, وحسيت أد ايه البيت فاضي وانها حرفيًا كانت مالية عليا حياتي, وقفت يومها في البلكونة, نفس المكان اللي كنا بنقعد فيه, وبدأت أفتكر كل ذِكرى, كلمة, همسة حصلت ما بينا, وغصب عني حسيت إن دموعي هتسيل من تاني عشان كدا منعت نفسي من التفكير تماما, وقتها لقيت أختها الصغيرة أشجان بتتصل بيا, كنت بعتبرها أختي الصغيرة ويمكن أكتر كمان, اتصلت بيا تواسيني وتعزيني, ويمكن تتقوى بيا في وفاة أختها, اتكلمت معاها كتير وحكتلها أد ايه أنا مفتقد أختها جدا..


وطلبت منها تديني حماتي وحمايا, الناس اللي بعتبرهم أكتر من أهلي حرفيًا, وأول ما سمعت صوت حماتي لقيت نفسي ببكي بدون أي مقدمات, فضلت تواسي فيا وتقولي إن ده قدر ربنا واننا هنفضل مع بعض مهما كان حتى لو مكنتش خلفت من مراتي طول السنين دي كلها, قفلت معاهم السِكة وفضلت لحد الصبح قاعد في البلكونة حزين جدا, مبتكلمش, عايش على ذكريات استحالة ترجع تاني..


وبعد يومين من الحزن الشديد ده لقيت نفسي بكلم عم عثمان التُربي بتاع بلدنا وبقوله إني هزوره بالليل, رحب بيا جدا وهو مش فاهم انا ليه بعمل كدا, بالأخص إن دي أول مرة هزوره فيها, حتى أنا بصراحة مكنتش عارف أنا بعمل كدا ليه من الأساس, هل عشان أكون قريب من مراتي فعلا وأحس بيها, ولا يمكن أنا أضعف من إني أتحمل ألم فقدانها, وعلى بالليل لبست الجاكيت بتاعي لان الجو كان برد جدا, وطلعت على المقابر ومعايا, ومعايا مفاتيح قبر مراتي, معرفش ليه وازاي ولا أنا بفكر في ايه من الأساس, وصلت للمكان اللي بيقيم فيه عم عثمان اللي رحب بيا جدا, قولتله إني مفتقد مراتي وقولت آجي اونسها شوية, لقيته ضحك أوي وقال:


- مراتك دلوقتي في دار الحق, وآخر حاجة بتفكر فيها هو انتوا, يابني اللي في المكان ده ميتخافش عليه, احنا اللي يتخاف علينا


معرفش ليه حسيت برهبة من كلامه, شوية والشاي كان جاهز, شربت كوباية الشاي وحسيت بشوية دفى كنت مفتقدهم أوي, شوية وجتله مكالمة وسبته وخرجت أتمشى شوية, ولقيت رجلي واخداني للقبر اللي فيه مراتي, وكأني كنت عامل زي المتخدر تماما, ماشي تايه في ملكوت الله, وقفت قدام القبر أدعيلها واكلمها وكأنها واقفة قدامي, بحكيلها انا أد ايه مفتقد وجودها جمبي, أد ايه حاسس بالعذاب في غيابها, ووسط وقفتي دي حسيت أو جالي إيحاء انها بتناديلي, وكأنها عايشة زينا, أو كأنها عايزة توصلي رسالة, عارف لما تكون لوحدك وفجأة حد يدخل الأوضة بتاعتك, أنا جالي الإحساس ده..


وقفت أتنفس بصعوبة وانا مش عارف النداء ده وهم ولا فعلا فيه حاجة بتناديلي, في الوقت ده حسيت إني اتخدرت, رغم برودة الجو وظُلمة المكان إلا إني كنت متخدر, متخدر تماما, وبدون وعي مني فتحت القِفل بتاع القبر, ووقفت في مواجهة الظلام, الظلام اللي بالع جثمان مراتي, وحسيت لحظتها إني عايز أنقذها, أنقذها من اللي بيحصل فيها ده..


حاجة من جوايا كانت بتصرخ وبتمنعني إني أتقدم, بس كنت مُجبر, مديت رجلي ودخلت من الفتحة الصغيرة بتاعت القبر, ولقيت نفسي بدون مقدمات واقف على أرضية القبر, واقف وسط الحقيقة المُرة والظلام اللي مفيش بعده ظلام, ووسط الضلمة دي بدأ نور أزرق خفيف أوي يطلع من مكان ما, وبالأخص من الكفن اللي على الجثة, وكأن الجثة عاملة زي المصباح وسط بحر من الظلام, قربت منها برهبة شديدة وانا مش عارف أنا ليه فاقد الإرادة تماما كدا..


ولقيت نفسي واقف قدام جثمان مراتي, في العالم بتاعها مش بتاعي, عالم الأموات, كشفت عن وشها وانا بترعش لقيت وشها أزرق ومنفوخ وشكلها بشع, بل وشوفت دود كتير بيزحف على جسمها, وقتها ومن كتر الخوف والاشمئزاز حسيت بإرادتي بترجع من تاني, وقررت أخرج من المكان كله, لفيت عشان أتحرك وسمعتها, سمعت صوت واضح واتردد أكتر من مرة:


"رايح على فين مش كفاية جيت لحد هنا بنفسك ووفرت عليا كتير"


الجملة خلتني واقف زي الصنم, وكأني كبرت 50 سنة في لحظة, رجليا مبقتش قادرة تشيلني وشعري كله شاب تقريبا, بصيت ورايا وانا عنيا هتخرج من مكانها لقيت الجثة مفتحة عنيها وبتتكلم, بتتكلم وكأنها حية تماما, ومقدرتش وقتها أتحمل لحظة تانية ووقعت من طولي فاقد الوعي..


صحيت لقيت عثمان التُربي ومعاه حمايا بيفوقوني وانا قدام قبر مراتي والباب لسة مفتوح, كنت بتنفض ولساني تقيل ومش قادر أنطق بنص كلمة, وعثمان كان بيبصلي بصة غريبة أوي, حمايا اتكلم بلوعة وقال:


- ايه يا بني اللي يخليك تعمل كدا وتنتهك حُرمة الأموات


انهرت من البُكا قدامه وقولتله انها كانت وحشاني, كنت عاوز أشوفها ولو مرة أخيرة, مرة واحدة بس, حمايا وعثمان خدوني على البيت وفضل حمايا معايا لحد الصبح, كلمني إن ده أكبر غلط واني لازم أهدى واتقبل قضاء ربنا, وفين وفين لما قدرت أتمالك أعصابي واهدى شوية..


بس من تاني يوم بدأت الأمور تاخد منحنى تاني خالص, مُنحنى مُخيف جدا, كنت بمشي في الشقة بتاعتي بسمع صوت خطوات ماشية ورايا, وكل ما أقف الخطوات تختفي, وكأن فيه حد بيتابع تحركاتي في كل خطوة, حتى لما خرجت للشارع كان صوت الخطوات مبيقفش ولو لحظة واحدة, الموضوع اللي عملي وسواس مُخيف في دماغي, وحسيت إن انا مُطارد, مُطارد وفيه حاجة عاوزة تأذيني, روحت لواحد دجال وأول ما كشف عليا وقرأ عزيمة لقيته بيترعش وقالي ان العلاج مش عنده, وإني مش هلاقي علاج عند أي حد إطلاقا..


كلامه زود من رعبي وخوفي وقلقي, لحد ما جت الليلة اللي صحيت فيها بالليل على صوت حاجة بتدق بعنف شديد, قمت مخضوض وانا مش مستوعب مين اللي بيدق في شقتي بالشكل ده, كان صوت الهون, وحد بيضرب فيه كأنه بيكسر فسدق جواه, قمت وانا مش قادر أتمالك أعصابي إطلاقا, الصوت كان جاي من المطبخ, قربت وانا بدعي ربنا إن الدنيا تكون كويسة, بس مسافة ما دخلت لقيت مراتي, أو جثة مراتي بالكفن قاعدة في الارض وبتدق حاجة في الهون, ولما ركزت عنيا زغللت, كانت بتدق صوابعها والعضم عمال يتكسر جوة الهون, وقبل ما أقع من طولي سمعتها, سمعتها بتقول:


"هستناك بكرة اوعى تتأخر, أوعى"

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

........

تاني يوم بالليل عثمان بيتفقد المقابر لقى جثة الشاب اللي كان معاه من يومين قدام مقبرة مراته وجسمه متخشب وعنيه جاحظة كأنه شاف رعب الدنيا كله, طبعا عثمان بلغ الشرطة من الخوف وقدام المباحث مقدرش غير انه يحكي كل حاجة من الخوف, قال ان الشاب ده دفعله مبلغ وقاله انه هيعمل معاه تمثلية بسيطة, هيجيله بالليل ويمثل انه فقد الوعي قدام القبر, وعثمان هيتصل بحماه ويخليه يجي بسرعة, بس عثمان اتفاجئ انه مغمى عليه فعلا بس جوة القبر مش برة, ولما اتسأل عثمان و ليه عمل التمثلية دي مكنش عنده جواب, وهنا الشرطة اتحفظت على موبايل الشاب, وفتشوا فيه, وكانت الصدمة..


الشاب على علاقة بأشجان أخت زوجته, وبينهم كلام كتير أوي, كلام عن جريمة قتل, واستدعوا أشجان ومن الرعب والمواجهة بالأدلة اعترفت, قالت انهم حبوا بعض, حبت زوج أختها جدا وهو كمان حبها, بس كانت فيه عقبة قدامهم وهي أختها, أختها اللي مبتخلفش, وكان اقتراحه انهم يتخلصوا منها لانها ولا بتخلف, ولا هتسمح يرتبطوا ببعض حتى لو طلقها, انما لو ماتت قضاء وقدر أهلها هيسمحوا انه يتجوزها وكأنه انسان شهم..


وفعلا اتخلصوا منها والأمور مشيت تمام وكأنها ماتت عادي بدون أي شبهة, بس بعد الدفن بيومين أشجان سمعت أبوها بيكلم أمها وبيقول انه شاكك ان بنته مماتتش عادي وان فيه سر, وانه بيفكر يكلم الشرطة ويطلعوا الجثمان من القبر ويشرحوه, خاصةً انه شاكك في جوزها وأفعاله المتصنعة يوم العزاء..


واترعبت أشجان وكلمته, وقرروا يعملوا تمثلية, عشان لما أبوها يشوف الشاب واقع قدام القبر من الحزن يروح الشك كله من قلبه ويقول انه كان بيحبها واستحالة يأذيها, بس الشاب لما راح قدام قبر مراته اللي قتلها وكأنه راح قدام المشنقة, فقد ارادته وبدل ما يمثل الاغماء قدام القبر لا, ده وقع جوة القبر وحصله مس شديد من قرين القتيلة, القتيلة اللي انتقمت منه, واتكشفت الجريمة ووقعت أشجان في شر أعمالها كمان, وكأن القتيلة ما صدقت تلاقي الفرصة عشان كل حاجة تتكشف..

وفي المحكمة فهمت أشجان بعد فوات الأوان, فهمت ان أي علاقة في السر أخرتها خراب, خراب على الكل, وان أي راجل متجوز أو ست متجوزة في علاقة محرمة ولو بالكلام نهايتهم هتكون زي أفعالهم إن لم يتوبوا, وان ربنا بيكشف الظالم وبيسلط عليه نفسه, زي أفعالهم وخطتهم اللي اتقلبت ضدهم تماما, وفهمت في النهاية حاجة واحدة..

"إن الله لا يُصلح عمل المُفسدين"

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

 #نبض_الخوف_تحت_الارض

تم نشر القصه بعد موفقة الكاتب ويمكنك الرجوع اليه

تعليقات