رواية أرض الظلام الفصل العاشر هويدا عصام بدوى
أرض الظلام الفصل العاشر هويدا عصام
أرض الظلام
الفصل العاشر: لحظات النهايةالجزء الأول: القوة المتجددة
كانت علياء تقف أمام البوابة، يدها ما زالت مشتعلة بالطاقة التي تجمعها بين الظلام والنور. شعرت بنوع من الارتياح، كما لو أن كل شيء كان في مكانه الصحيح، لكن سرعان ما تبع ذلك شعور آخر، شعور بالخوف. هل كانت مستعدة لما سيأتي؟ هل كانت على استعداد للتضحية بكل شيء من أجل العالم؟
"علياء، ما الذي ستختارينه؟" همس راشد وهو يقف بالقرب منها، ينظر إلى عينيها بكل قلق. كان يعلم أن اللحظة التي تمر بها الآن هي لحظة حاسمة، لحظة قد تحدد مصيرهم جميعًا.
قالت علياء بصوتٍ هادئ:
-"أنا لا أختار النور فقط، ولا الظلام فقط... أنا اختار أن أكون الطريق الذي يجمع بينهما، وأن أخلق توازنًا جديدًا."
لكن كلماته لم تكن كافية لتهدئة القلق الذي كان يعتصر قلبها. كانت الطاقة التي شعرت بها من قبل، والتي كانت تعتقد أنها قد استطاعت التحكم فيها، تبدأ الآن في الانفجار بشكل أكبر من أي وقت مضى. كانت تسحب الطاقات المختلفة من كل مكان حولها، والنور بدأ يتحول إلى ظلام، والظلام بدأ يتوهج.
أصيبت علياء فجأة بشعور مفاجئ، كأنها كانت تغرق في بحر من الظلام والنور معًا. كان الألم يزداد بشكل غير محتمل، كما لو أن روحها كانت تتناثر بين العوالم المختلفة. كانت تجاهد للبقاء على قيد الحياة، ولكن قوتها، التي كانت تشعر بها سابقًا كنعمة، بدأت تصبح لعنة.
قالت كيرا، التي كانت تراقب الموقف من بعيد:
-"علياء، لا تسمحي للظلام بأن يأخذك. حافظي على توازنك!"
ولكن كان الوقت قد تأخر. ابتسم الحاكم المظلم، الذي كان يتواجد في الظلال، وقال بنبرة سخرية:
-"هل تظنين أنكِ ستتمكنين من توجيه هذا التوازن؟ هذا محكوم عليه بالفشل. الظلام دائمًا ما يسيطر."
كان الحاكم المظلم يتحدث وكأن هذه اللحظة كانت مرسومة منذ الأزل، وكأن المعركة قد حسمت. لكن علياء كانت تعرف شيئًا آخر. كانت تعلم أن الحقيقة لا تنحصر في الظلام أو النور فقط، بل في قدرتها على جمع القوى المتناقضة بشكل مختلف.
مع صوتٍ انفجاري، حدث شيء غير متوقع. تجمع الضوء والظلام معًا، واصطدموا في قلب البوابة التي كانت تتحول الآن إلى دوامة عظيمة. شعرت علياء بقوة هائلة تجذبها نحو الداخل.
الجزء الثاني: بوابة الأبعاد
كانت لحظة الدخول إلى البوابة كما لو كانت كل الحواس تتجمع في نقطة واحدة، وكل شيء حولها أصبح ضبابيًا. كان المكان يتغير بسرعة، والعوالم المتعددة كانت تتقاطع. ولكن وسط هذا الفوضى، كان هناك شيء ثابت.
"أين نحن الآن؟" قال راشد، وهو ينظر إلى محيطهم، حيث كانت الألوان تتغير باستمرار. كان المكان يبدو وكأنه خارج الزمن، وكأنهم عابرون بين العوالم المختلفة.
قالت كيرا بصوت هادئ:
-"هذا هو مكان تقاطع الأبعاد. نحن الآن في قلب كل العوالم. حيث الظلام والنور يتواجهان، هنا تُصنع المصائر."
لكن في اللحظة التي قال فيها كيرا هذه الكلمات، بدأت الأرض تحت أقدامهم تهتز. كان هناك شيئًا غريبًا في الهواء، وكأنها كانت تحاول تشكيل شيء جديد. كانت قوى غير مرئية تشتبك، وتحاول أن تغير النسيج نفسه للواقع.
ثم ظهرت شخصية أخرى، رجل طويل القامة، عيونه تتوهج بلون أخضر غامق. كان يرتدي رداءً غريبًا، وكأن جسده مغطى بشبكة من الضوء والظلال في آن واحد.
"أنتِ من فتحت البوابة، أليس كذلك؟" قال الرجل بصوت قوي، يلتفت إلى علياء. كانت نظرته غامضة، لكن هناك شيئًا عميقًا في عينيه جعلها تشعر بأن هذا الشخص كان يملك الكثير من المعرفة.
"من أنت؟" قالت علياء بصوت هادئ، لكن كان هناك توتر في نبرتها.
"أنا الحارس بين الأبعاد." قال الرجل، بينما كانت نظراته تمر على الجميع. "لقد فتحتم بابًا لا يمكن غلقه بسهولة. والآن، يجب عليكم دفع الثمن."
"الثراء في هذا العالم ليس دائمًا كما يبدو. أنتِ الآن على مفترق الطرق. تقف هنا على عتبة الحقيقة المظلمة والنور المتوهج، ويجب عليك أن تختاري." قال الحارس وهو يخطو نحوهم.
"ما هو الثمن؟" سأل راشد بحذر، وهو يحاول معرفة ما الذي يقصده الرجل.
"التمسك بما هو طبيعي يعني التضحية. إذا أردتم العودة إلى عالمكم، يجب أن تدفعوا الثمن. ربما يكون حياتكم أو ما هو أغلى من ذلك."
كان الحارس يتحدث وكأن عالمهم كله كان على وشك التدمير. لكن قبل أن يتمكن أي منهم من الرد، شعروا بأن شيئًا ما كان يقترب.
الجزء الثالث: الموت والتجديد
وفي اللحظة التي شعروا فيها أن الظلام كان يحيط بهم أكثر من أي وقت مضى، انفتح الباب المظلم في أفق الأبعاد. وظهر من خلاله شكل هائل. كان كائنًا عملاقًا، محاطًا بالظلال، وكانت عيناه تتوهجان بلون أحمر قاتم.
قال الحارس بنبرة حادة: "إنه قدوم الهاوية... الوقت قد حان."
كان الكائن الهائل يقترب منهم بسرعة، وكانت الأرض تحتهم تهتز بشكل متسارع، كما لو أن العالم كان ينهار من حولهم. وكان كل شيء يبدو وكأنه على حافة الهاوية، حيث لا مكان للهرب.
لكن في تلك اللحظة، تجمعت الطاقة داخل علياء، وانبعث منها شعاع هائل من الضوء والظلام معًا. كان هذا هو الاختبار النهائي: هل يمكنها أن تتحكم في هذا التوازن؟ هل يمكنها أن تحول هذا الانهيار إلى بداية جديدة؟
"أنا لستُ مجرد أداة بين النور والظلام!" قالت علياء بصوت مرتفع، وهي تتقدم نحو الكائن العملاق.
تراكمت الطاقات بشكل هائل حولها، وأصبحت هي مركز القوة في تلك اللحظة. ثم فجأة، تحولت القوى إلى دوامة ضخمة، اجتاحت الكائن العملاق، وأضاءت السماء بالألوان المختلفة.
كل شيء حولهم اهتز بقوة هائلة، ولكن في لحظة واحدة، سكنت جميع الأصوات. تحولت الدوامة إلى ضوء أزرق هائل، وتلاشوا جميعًا في الزمان والمكان.
الجزء الرابع: البوابة الجديدة
بينما كانوا يطفون في الفضاء، شعر الجميع بوجود شيء جديد. كان المكان هادئًا تمامًا، ولكن كان هناك شعاع بعيد يلوح في الأفق، وكأنهم كانوا يقتربون من مكان آخر، مكان لا يشبه أي عالم قد عرفوه.
"هل انتهينا؟" قال راشد بصوت منخفض.
قالت كيرا، وهي تنظر إلى الضوء البعيد:
-"لا، لقد خلقنا شيئًا جديدًا. ربما هذا هو العالم الذي سنبني فيه مستقبلنا."
لكن علياء كانت تعرف أن هذا العالم لن يكون مجرد عالم آخر. كان هذا عالمًا جديدًا، يجمع بين النور والظلام، يجمع بين قوى الحياة والموت. وكان هذا هو المستقبل الذي اختارته.